للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[حدود التفسير الاقتصادي البحت لتوزيع الإمكانات]

إنه لجدير بنا أن نتأمل الخريطة التي قدمناها في الفصل السابق، ونتساءل عن سبب التوزيع الغريب الذي نجد صورته في شكل قارتين.

ومن طبيعة الحال أن يأتي جوابنا إذا تسرعنا على أساس تقدير الأشياء من الزاوية الاقتصادية البحتة، قد نقول: إن السبب في ذلك يعود إلى وجود الصناعة في القطاع الشمالي من الكرة الأرضية وفقدانها في الجنوب.

فهذا الجواب وجيه إلى حد ما، وتترتب عليه النتيجة النظرية التي تخللت كل الدراسات التي استهدفت النهوض بالجنوب، وكل المخططات السياسية التي طبقت من أجل ذلك في العالم الثالث، بعد الحرب العالمية الثانية إلى الآن.

ولكن الإحصائية التي تناولناها في الفصل السابق تدل دلالة واضحة أنه لم يتغير شيء نسبياً في صورة توزيع الإمكانيات المادية في العالم، على الرغم مما بذلته، في تلك الفترة، البلدان المتخلفة من أجل نهضتها الاقتصادية.

بل يلاحظ بعض المراقبين للشؤون الاقتصادية في البلدان المتخلفة أنها قد ازدادت تخلفاً، في الفترة نفسها، وأن البلدان المتقدمة ازدادت تقدماً، دون أن يشذ على هذه الظاهرة إلا الصين.

إذن يجب علينا أن نعيد النظر في القضية سواء بالنسبة للبلاد المتقدمة أو البلاد المتخلفة، وأن نستفيد من التجارب الأخيرة في العالم، التي تعطي وجوه، لموازنة سليمة بين بلد إسلامي مثل إندونيسيا في الجنوب، وبلد آخر في الشمال مثل ألمانيا، إذ نرى البلدين يشرعان في النهوض الاقتصادي، من نقطة انطلاق

<<  <   >  >>