اكتشف العالم، مع الاستعمار، كل أنواع السيطرة من جانب القوي على الضعيف، فهو يقيد حرية تصرفاته بقيود عسكرية واقتصادية، ويحاول أحياناً إحكام شبكتها حتى من الجانب الروحي، ببعثات تبشيرية لا همّ لها إلا تدعيم السيطرة بوسائل تخفى على الأبصار.
فاليوم، في عهد تصفية الاستعمار تحت إشراف لجنة من هيئة الأمم تحمل هذا الاسم، لم يبق على العموم، مجال للسيطرة العسكرية على مصير شعوب العالم الثالث، أي على أغلبية شعوب العالم الإسلامي؛ ولكن الاستعمار استنبط طريقة تعويض للسيطرة العسكرية بسيطرة اقتصادية تخوله البقاء في مناطق نفوذه السابقة، بل تخوله بسط نفوذ جديد لا يقابل بالرفض بل بالقبول والرضا والتعاقد.
هكذا نرى أن المظهر قد تغير، لأن الرجل المستعمر استبدل بالسيف الذي كان بيده عرقاً من زيتون رمز السلام، بينما نشعر من خلال ما شاهدناه في حبك العلاقات الجديدة بين قارتي الاقتصاد، أن شيئاً لم يتغير في أعماف ضمير رجل الشمال، فهو ما زال على مذهب (ليبنيتز Leibnitz)، الذي كان - وهو يضع الأسس الجديدة لعلم الرياضيات- يفكر أيضاً في احتلال مصر، ويقدم من أجل