إننا منذ الخطوة الأولى نقرن، في أذهاننا أو في مشروعاتنا، قضية العمل بقضية المال، فقد أصبح العمل مقيداً بشروط مالية لا ينطلق بدونها حتى في البلاد الشيوعية الكلاسيكية، حيث لم تتغير هذه الشروط إلا في ملكية المال لا في دوره أساساً.
تحولت فعلاً ملكية المال في هذه البلاد الشيوعية من الأيدي الخاصة أو المصرف إلى يد واحدة يد الدولة، ومن المصرف إلى الخزينة.
ويكفي الزائر لموسكو، على سبيل المثال، أن يرى تلك الدكاكين الخاصة، فيستطيع شراء ما يريد بأثمان محددة ولكن بالعملة الصعبة، ولا يستطيع المواطن ذلك بالعملة المحلية.
إننا لا نرى أن العمل تخلص، على هذه الصورة من القيود المالية، ولا تخلصت منها الأذهان أيضاً. فلا يزال المال مهيهناً على تسخير العمل، مع بعض التخفيف في درجة القيود عندما ننتقل من البلاد الرأسمالية الصريحة، إلى بلد شيوعي كلاسيكي، حيث يصبح المال وكأنه يخفي دوره أو لا يخفيه كما هي الحال في يوغوسلافيا ورومانيا.
ربما كان ينتظر من هذه البلاد أن تقوم هي بتصفية أخطر مسلمة، في الاقتصاد تصفية كاملة، فقد تخلص العمل من كل الشروط الثانوية.
ولكن هذه التصفية لم تقع إلى الآن، لا في المجال الثقافي ولا في المجال الاقتصادي البحت.