إن الأساس المذهي الذي يقرره (آدم سميث) بوصفه قاعدة للديناميكا الاقتصادية، قد أطلق العنان لإرادة المال وفتح الباب لتصرفات الرأسمالية، على حساب المصلحة العامة في المجال السياسي والمصالح الخاصة بالمنتجين والمستهلكين. فكانت النتيجة ماسة أيضاً بالجو الثقافي العام، عندما أصبحت قاعدة (دعه يعمل دعه يسير) الأساس الذي يقوم عليه سلوك الأفراد باسم الحرية.
بل كانت النتيجة أم من ذلك إذا ما اعتبرنا التطورات الخطيرة والأحداث الكبيرة، التي غيرت وجه القرن العشرين على أنها مجرد انعكاسات، في المجال الثقافي والسياسي لما كان يدور في عالم الاقتصاد.
إن إباحية الرأسمالية كانت التمهيد العملي للمادية الجدلية، أي لحركة الإلحاد في العالم.
فرأس المال قام بالتالي بدور الحاجب الذي فتح الباب أمام الثورة الشيوعية مهما يبدو في هذا التقرير من مناقضة ظاهرة.
هل أراد رأس المال الانتحار أم أنه استسلم فقط لمنطق السهولة؟ إن الوجه الأول لا يعنينا في هذا الفصل، فحسبنا أن نقول: إن المجتمعات تموت غالباً منتحرة.
وإنما يعنينا الوجه الثاني وهو أن من طبيعة المادة القصور إلا في الحيوان، وإذا تحركت المادة فإنها تتبع أيسر السبل: فالماء لا يجري من أسفل إلى فوق إلا إذا سلطنا عليه ضغطاً.