بالإمكان الاجتماعي تعويضاً جعلها رائدة العالم الثالث بلا جدال، وجعلها عامة، تحصل على خبرة فريدة في العالم في مجال توظيف الإنسان والتراب والزمان.
والعبرة في هذا ليست فحسب من الجانب الاقتصادي، بل ومن الجانب التربوي، لأن الإنسان الذي يمارس هذا العمل المشترك يدرك من خلال ما يتحقق على يده في المزرعة أو في المصنع أو في ورشات التشييد، أنه يستطيع فعلاً تحويل الجبال مثل جدّه الاسطوري (يوكنج Yukong) ليذوب في مفهومه المستحيل، وتزول من نفسه العقد التي تعطل النشاط منذ المنطلق، ومن فكره المسلمات الوهمية التي تضع على عمله نوعاً من الرصد، يجعله عملاً مشروطاً، أي مقيداً بشروط غير طبيعية.
فالعالم الإسلامي ليس بيده أن يغير أوضاعه الاقتصادية إلا بقدر ما يطبق خطة تنمية تفتق أبعاده النفسية، وتخلصه من تركة عصر ما بعد الموحدين، من خرافاتها وعقدها ومسلماتها الوهمية.
يجب أن تتضمن النهضة الاقتصادية هذا الجانب التربوي الذي يجعل من الإنسان القيمة الاقتصادية الأولى، بوصفه وسيلة تتحقق بها خطة التنمية، ونقطة تلاقٍ تلتقي عندها كل الخطوط الرئيسية في البرامج المعروضة للإنجاز.
وتجدر هنا الملاحظة بأن برامج الاستثمار في البلاد الإسلامية، لا زالت بعيدة على وضع الإنسان في هذه الرتبة، بوصفه وسيلة تتغير هي ذاتها في فعاليتها بقدر ما تحدث، من تغيرات في نطاق النمو الاقتصادي.
ويكفينا لتأييد هذه الملاحظة، أن نلفت النظر إلى المشروعات التي تنشأ فكرتها تحت شعار الاشتراكية أحياناً، بينما نراها تدخل حيز الإنجاز على أساس الاستثمار المالي، كأنما أفكارنا لا تستطيع بعدُ التفاعلَ مع الواقع.