للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من عدم الثقة في تلك الأدوات، فكانت عقدته أو عقده تعطل النتيجة أو النتائج التي يصل إليها عقله قبل الآخرين.

فهذه القصة هي أخت القصة التي يذكرها الاختصاصي الهندي، على الرغم من الاختلاف الظاهر بين المجالين؛ فالقصتان لا تختلفان إلا في الشكل، هذه كتجربة في مختبر مواد بلاستيك، وتلك في مجال الالكترون المطبق في الفلاحة، ولا تختلفان في المصدر الاجتماعي- النفساني، لأن كل واحدة تدل على أن تكوين الخبير الهندي والخبير الجزائري لم يمنحهما الهيمنة الكاملة على أدوات عملهما العلمي، بينما مستواهما العلمي النظري- على الأقل فيما يخص الخبير الجزائري- يبدو رفيعاً جداً.

ويجدر الذكر هنا بأنني كنت معجباً بالخبير الجزائري، وهو يقص لي قصته، إذ كنت أراه يشعر كامل الشعور بالعقدة التي كان يعانيها، كمن يعيش محنة.

وعلى أية حال فالقصتان تعبر كلتاهما على أن العمل العلمي أيضاً يتطلب معادلة اجتماعية لا تتكون تلقائياً في الدرجات الجامعية، بل يهبها المجتمع نفسه للأفراد، بين العادات والتقاليد التي يفطر عليها الطفل منذ مهده، ويحرم منها الطفل الذي يولد في مجتمع آخر لم تتكون فيه بعد معادلة اجتماعية، أو فقدها لأسباب تاريخية- اجتماعية معينة مثل المجتمع الإسلامي اليوم.

إذا طرحنا مشكلة كيفية تكوينها، نراها تتكون بطريقتين: إما أن تصنعها الأيام بتكرار التجارب التي تتحول بالتدريج إلى عادات مستقرة تطبع تلقائياً السلوك الفردي والجماعي بطابع الفعالية، وإما أن تتكون تحت إشراف إرادة هادفة تريد ما تفعل وتفعل ما تريد لمواجهة ظروف وضرورات قاسية.

فلا شك أن المجتمع الغربي يتمتع بمعادلة اجتماعية صاغتها بالتدريج الأيام،

<<  <   >  >>