للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رجوعهم إلى الكتاب والسنة في كل شيء]

[الذين يردون المقالات المجملة إلى ما جاء به من الكتاب والحكمة، فلا ينصبون مقالةً ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم إن لم تكن ثابتةً فيما جاء به الرسول، بل يجعلون ما بعث به الرسول من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه].

قوله: "فلا ينصبون مقالةً ويجعلونها من أصول دينهم وجمل كلامهم، إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم " هذا هو الأصل المطرد عند أهل السنة والجماعة، وهو أنهم لا ينصبون مقالةً ويجعلونها لازمةً على المسلمين إلا أن تكون هذه المقالة مما علم مجيء الرسول به صلى الله عليه وسلم ضرورةً، وما علم مجيء الرسول به ضرورةً فإنه يكون مجمعاً عليه، ولهذا كل ما علم مجيء الرسول به ضرورة فإنه يكون من أصولهم، ومن السنة اللازمة عندهم.

[وما تنازع فيه الناس من مسائل الصفات والقدر والوعيد والأسماء، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك يردونه إلى الله ورسوله].

قوله: "والأسماء" أي: الأسماء المتعلقة بالمخالفين أو المقصرين من المسلمين، ويقال أحياناً: مسألة الأسماء والأحكام، والمراد بالأسماء: اسم مرتكب الكبيرة في الدنيا، هل يسمى مؤمناً أم فاسقاً أم مسلماً أم كافراً إلى غير ذلك.

والمراد بالأحكام: حكم مرتكب الكبيرة في الآخره.

[ويفسرون الألفاظ المجملة التي تنازع فيها أهل التفرق والاختلاف، فما كان من معانيها موافقاً للكتاب والسنة أثبتوه، وما كان منها مخالفاً للكتاب والسنة أبطلوه].

وهذه قاعدة: أن كل لفظ مجمل حادث، فإنه يتوقف فيه ويستفصل في معناه.

ولهذا لم يكن السلف رحمهم الله يتكلمون بالألفاظ المجملة، إنما يستفصلون في معانيها عند ذكرها، ولا يلزم أن يكون اللفظ مجملاً من جهة وضع اللغة، فقد يعرض الإجمال للفظ لسبب ما، مثلاً: إذا قيل: هل نصوص الصفات على ظاهرها أم ليست على ظاهرها؟

يقال: لفظ الظاهر من جهة كلام العرب فيه بيان، وليس من الألفاظ المجملة المترددة بين كثير من المعاني، ولكن المتأخرين من أهل البدع من المتكلمين صاروا يستعملون لفظ الظاهر ويريدون به التشبيه؛ فلهذا الاستعمال صار هذا اللفظُ إذا تكلم به أرباب البدعة لفظاً مجملاً.

فإذا قيل: أتكون النصوص على ظاهرها؟

قيل: إذا أريد بالظاهر المعنى المناسب اللائق به سبحانه وتعالى فهي على ظاهرها

إلخ.

فالقاعدة: أن كل لفظ مجمل حادث -أي: ليس له ذكر في الكتاب والسنة- لا يجوز التعبير به إطلاقاً، لا إثباتاً ولا نفياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>