للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إسحاق: وهذا من ابن طاهر مجازفةٌ، وإنما فعَل ذلك بالمدينة أهلُ المجانة والبطالة، ونسبة ذلك إلى صاحب "التَّنْبِيه" كما رأيته فِي كتابه بالسماع نسبةٌ باطلة قطعًا، كيف وقد قطَع فِي "مهذبه" هنا وفي الوصايا بتحريم العُود، وهو قضيَّة ما فِي "تنبيهه"، ومَن عرف حاله وشدَّة ورعه ومتين تَقواه جزَم ببُعدِه ونَزاهته وطَهارة ساحته من ذلك، وكيف يظنُّ ذو لبٍّ فِي هذا العابد القانت أنْ يقول فِي دِين الله ما يفعل ضدَّه مع ما فِي ذلك من غَلِيظ الذم والمقت، وكلُّ مَن ترجَمَه لم يذكُر شيئًا من هذا - فيما نعلَمُ.

ومن المجازفة قولُ ابن طاهر: إنَّ ذلك مشهورٌ عنه، ودعوى ابن طاهر أنَّ ذلك إجماعُ أهل المدينة من [جرَّاء] (١) دَعواه إجماع الصحابة والتابعين على إباحة الغناء، والهوى يُعمِي ويصمُّ، اهـ.

وقال الزركشي عَقِبَ اعتراض الأسنوي على الشيخين نفيهما الخلاف في سائر الأوتار السابقة بحكاية ابن طاهر عن الشيخ أبي [ز١/ ٣٠/ب] إسحاق [ما مرَّ قلت: هذا تلبيسٌ من الأسنوي قلَّد فيه صاحبه الكمال الأُدفوي فِي كتابه "الإمتاع"، ولا تجوزُ حكاية هذا عن الشيخ أبي إسحاق] (٢) فإنَّ ابن طاهرٍ مُتكلَّمٌ فيه عند أهل الحديث بسبب الإباحة وغيرها، وقد قطع الشيخ أبو إسحاق فِي "المُهَذَّبِ" هنا وفي الوصايا بتحريم العُود وهو أتْقى لله من أنْ يقول فِي دِين الله شيئًا ويفعل ضدَّه، ا. هـ.

وإذا تأمَّلت ما تقرَّر فِي هذا التَّنْبِيه علمت أنَّ قول صاحب ذلك الكتاب: وذهبت طائفةٌ إلى جَواز سماع العُود وما جَرَى مَجراه من الآلات المعروفة ذوات الأوتار كذبٌ صريح وجهلٌ قبيح؛ لما مرَّ أنَّ ذلك محرَّم بالإجماع،


(١) في (ز٢): حيز.
(٢) ما بين المعقوفين سقط من (ز٢).

<<  <   >  >>