للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحدٍ من العلماء فضلاً عن هؤلاء الكثيرين الذين عددهم بمجرَّد الدعاوى الكاذبة منه، وممَّن سبقه إلى ذلك كابن حزم (١) وابن طاهر وليته عرف حال هذين الرجلين ليتجنَّب متابعتهما، فإنَّ كلاًّ منهما مبتدعٌ ضالٌّ.

أمَّا ابن حزم فـ[إنَّ] العلماء لا يُقِيمون له وزنًا كما نقَلَه عنهم المحقِّقون؛ كالتاج السبكي وغيرهم؛ لأنَّهم أصحاب ظاهريَّة محضة تَكادُ عقولهم أنْ تكون مُسِختْ، ومَن وصل إلى أنَّه يقول: إنْ بال الشخص فِي الماء تنجَّس، أو فِي إناءٍ ثم صبَّه فِي الماء لم يتنجَّس، كيف يُقامُ له وزنٌ ويُعَدُّ من العُقَلاء فضلاً عن العلماء؟! ولابن حزم هذا وأضرابه من أمثال هذه الخرافات الشيء الذي لا ينحَصِر، ومَن تأمَّل عِلَلَه ونحله وكذبَه على العلماء سيَّما إمام أهل السنَّة أبي الحسن الأشعري عَلِمَ أنَّ الأولى به وبأمثاله أنْ يكونوا فِي حيِّز الإهمال [وعدم رفع رأس لشيءٍ صدَر منهم] (٢).

وأمَّا ابن طاهر فإنَّ العلماء بالَغُوا فِي تضليله وتسفيهه بما مرَّ بعضه ويأتي بعضه، من ذلك أنَّه رجس العقيدة نجسها، فإنَّه رجل إباحي لا يتقيَّد بدليلٍ ولا يعول على تعليلٍ، بل كلَّ ما وسوس له الشيطان اتَّخذه مذهبًا، وبَرهَن عليه بالأشياء التي يعتقد كذبها، وإنما يُموِّه على مَن لا علمَ عنده ليُوهمه صحَّة ذلك، نظير ما مرَّ له فِي الحديث الباطل الكَذِب الموضوع المُختَلق


(١) علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد مولى يزيد بن أبي سفيان بن حرب بن أمية الأموي الفارسي الأصل، ثم الأندلسي القرطبي، أبو محمد المعروف بابن حزم المحدث صاحب التصانيف المشهورة، كان ظاهريَّ المذهب، وقد تكلَّم فيه كلُّ أحدٍ ما خلا أهل الحديث، فإنهم أثبَتُوا على حفظه، كان إمامًا عارفًا بفنون الحديث، إلا أنَّه كان صاحب لسانٍ خبيث، ويقع في حقِّ العلماء الأعلام حتى صار مثلاً، فيُقال: نعوذ بالله من سيف الحجاج ولسان ابن حزم؛ "النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة"؛ لابن تغري بردي.
(٢) في (ز٢): وعدم رأس الشيء لما صدر منهم.

<<  <   >  >>