للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي فِيه نسبة الرقص إليه - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإنَّه أسقط ذكر واضعة ومختلقه، وذكر بعض رواته الذين لا مَطعَن فيهم؛ ليوهم الناس أنَّه حديث صحيح، ومَن وصلت جهالته وسفاهته إلى هذا الحد، كيف يُعوَّل عليه أو يُلتَفت إليه؟ مَن يَزعُم أنَّ له أدنى مسكة من دِين الله فضلاً عن ورَع.

وقول صاحب ذلك الكتاب: إنَّ الحلَّ نُقِلَ أيضًا عن أكثر فقهاء المدينة، وهذا غاية فِي الكذب والتدليس، لأنَّه إن قلد ابن طاهر فِي النقل، فابن طاهر إنما عبَّر بإجماع أهل المدينة لا بأكثرهم، وإن قلَّد العلماء فِي تكذيب ابن طاهر فِي هذا النقل فأهل المدينة بريئون [ز١/ ٣١/ب] من نسبة ذلك إليهم، فترْك هذا الرجل هاتين المقالتين واختراعُه النقلَ عن أكثر المدينة غايةٌ فِي سُوء الصَّنيع المبنيِّ على التلبيس، وحال هذا الرجل يَأبَى صُدور مِثلِ ذلك عنه، لكن الهوى يوجب أكثر من ذلك؛ قال تعالى {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} (١) الآية، قوله: ونقل عن مالك سماعه، وليس ذلك بالمعروف عند أصحابه، كأنَّه لم يطالع "تفسير القرطبي" فِي سورة الروم، ولا "المسالك"؛ لابن فضل الله فِي مبحث المغنين المأخوذ منه ردُّ ذلك المحكيِّ بأنَّه اشتباه، فإنَّ شخصًا اسمه مالك فِي زمَن الإمام كان مغنِّيًا، وبفرْض صحَّة ذلك - وهو بعيدٌ جدًّا - فالعبرة بآخِر أحوال الأئمَّة وأقوالهم.

والحاصل: أنَّه لا حجَّة له فِي هذا النقل عن مالك مطلقًا، فكان اللائق صَوْن إمامه عن هذا الذي أشار إليه، ونقل عن ابن العربي فِي "شرح


(١) سورة الجاثية: ٢٣.

<<  <   >  >>