للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترمذي" ما يُوهِم الحلَّ، وليس كذلك كما هو ظاهرٌ بأدنى تأمُّل، وما مثالُ هذا إلا ما فِي أمثال العوام: (الغريق يتعلَّق بالقش).

وقوله: وحكَى إباحته الماوردي عن بعض الشافعيَّة ... هذا من غاية التدليس والبُهت، فإنَّ الماوردي عقَّب هذه الحكاية بتزييف هذا القول وإبطاله كما مرَّ مبسوطًا، وكأنَّ هذا الرجل يظنُّ أنَّ أحدًا لا يتعقَّب كلامه ولا يعترض عليه، وليس كذلك؛ فقد أخبر الصادق المصدوق - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه لا تزالُ طائفة من أمَّته ظاهرين على الحق إلى يوم القيامة - أي: حِزبه - لا يضرُّهم مَن خالفهم (١)، وبأنَّ الله - تعالى - وعَدَه بأنَّ كلَّ زمنٍ يُوفِّق الله فيه عُدُولاً يحملون العلم وينفون عنه تحريف [الغالين] (٢) وإلحاد الملحِدين وشُبَه المبطلين (٣).

وقوله: وقال الأستاذ أبو منصور البغدادي: هو من نَظِير ما قبله، قوله: ونقل عن أبي إسحاق الشيرازي أنَّه كان مذهبه وأنَّه مشهورٌ عنه، وأنَّه لم ينقلْ عن أحدٍ من العلماء أنَّه أنكَرَه عليه، حَكاه ابن طاهر المقدسي عنه، جوابه ما سبق أنَّ هذا النقل منه على هذا العالم الرباني كذبٌ صريح، كيف


(١) متفق عليه: البخاري (٧٣١١)، ومسلم (١٩٢١) من حديث المغيرة بن شعبة - رضِي الله عنه.
(٢) في (ز١): العالمين، والمثبت من (ز٢).
(٣) يشير إلى الحديث الذي أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٠٩)، وابن عدي في "الكامل" (٢/ ٧٩)، وابن حبان في "الثقات" (٤/ ١٠) من حديث إبراهيم بن عبدالرحمن العذري مرفوعًا، والطبراني في "مسند الشاميين" (٥٩٩)، والعقيلي في "الضعفاء" (١/ ١٠) من حديث أَبِي هُرَيْرة مرفوعًا، وابن عدي في "الكامل" (٣/ ٣١)، والعقيلي في "الضعفاء" (١/ ١٠) من حديث ابن عمر مرفوعًا، والعقيلي في "الضعفاء" (١/ ٩) من حديث أبي أمامة بلفظ: ((يَحمِل هذا العِلم من كلِّ خَلَفٍ عدولُه؛ ينفون عنه تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطِلِين))، وأورد نور الدين الهيثمي في "المجمع" من حديث أبي هُرَيْرة وعبدالله بن عمر مرفوعًا وقال: رواه البزار، وفيه عمرو بن خالد القرشي، كذَّبَه يحيى بن مَعِين، وأحمد بن حنبل، ونسَبَه إلى الوَضْعِ، قلت: وكلُّ هذه الطرق لا تسلم من علة.

<<  <   >  >>