للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صحيحة (١)، والمَعَازِف آلات اللهو، وبهذا الذي تقرَّر من صحَّة الحديث من هذه الطُّرق الكثيرة اندَفَع قولُ ابن حزم: إنَّ الحديث منقطعٌ ولا حجَّة فيه، ولو فرض أنَّ غير البخاري لم يذكُرْه [لأنَّ] (٢) ذكرَه له حجَّة؛ لما قد تقرَّر عند الأئمة أنَّ تعليقاته المجزوم بها صحيحة، على [أنَّ] بعضَ الحفَّاظ قال: طرقه المذكورة كلُّها صحيحة لا مَطعَن فيها، وقد صحَّحه جماعةٌ [آخَرون] من الأئمَّة الحفَّاظ، على أنَّ ابن حزم ذكَر فِي موضعٍ آخَر أنَّ قول العدل الراوي إذا روَى عمَّن أدرَكَه من العُدول فهو على اللقاء والسَّماع، سواء قال: أنبأنا، أو حدثنا، أو عن فلان، أو قال فلان، فكلُّ ذلك منه محمولٌ على السماع، ا. هـ.

فتأمَّل كيف ناقضَ نفسه، فإنَّه لَمَّا ذكَر عن البخاري أنَّه روَى فِي صَحِيحه فِي الأشربة قولَه: قال هشام ابن عمَّار: حدثنا صدقة بن خالد، حدثنا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر ... وساق سندَه إلى أبي عامر أو أبي مالك الأشعري أنَّ رسُولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لَيكُونن في أمَّتي أقوامٌ يستَحِلُّونَ الحر)) (٣)؛ أي: بكسْر الحاء المهمَلة وفتْح الرَّاء مع التَّخفِيف؛ أي: الزنا، فإنَّ الحِرَ اسمٌ لفرج المرأة، ا. هـ.

قال - أعني: ابن حزم -: هذا حديثٌ منقطعٌ غير متَّصل، فلا يستدلُّ به، بل حمَلَه تعصُّبه لمذهبه الفاسد الباطل فِي إباحة الأوتار وغيرها إلى أنَّ حكَم على هذا الحديث وكلِّ ما ورد فِي الملاهي بالوضع، وقد كذب فِي ذلك


(١) أخرجه البخاري (٥٥٩٠) معلقًا باب ما جاء فيمَن يستحلُّ الخمر ويُسمِّيه بغير اسمه، وأبو داود (٤٠٣٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٠/ ٢٢١)، "والشعب" (٥١١٥)، وصحَّحه ابن حبان (٦٧٥٤) من حديث أبي مالك الأشعري - رضِي الله عنه.
(٢) في (ز٢): كان.
(٣) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>