للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أيضًا، لكن حكايته الاتِّفاق على الإباحة معترضةٌ بما مرَّ أنَّ جماعةً كثيرين من أصحابنا قالوا بحرمته فِي غير العُرْسِ والختان، بل اعترض تصحيح الشيخين إباحته فِي غيرهما بأنَّ الذي نصَّ عليه الشَّافِعِي - رضِي الله عنه - وعليه جمهورُ أصحابه أنَّه حرام فِي غيرهما، نعم؛ أُلحِق بهما على هذا كلُّ حادث سرور له وقع.

قال المعترضون: وأمَّا الإباحة مطلقًا فلا دليلَ عليها، والاستدلال له بلعب الجواري به ضعيفٌ؛ لأنهنَّ سُومِحن بما لم يُسامَح به المكلَّفون.

قال الأذرعي: ومن مصائب ابن طاهر المقدسي وفضائحه قولُه فِي كتابه "فِي السماع": وأمَّا ضَرْب الدُّف فأقول: إنَّه سنَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقال: ((مَن رَغِبَ عن سنَّتي فليس منِّي)) (١)، ا. هـ.

فجعل اللهو بالدُّفِّ وضرب الجهلة به فِي السَّماع من سنَّة المطهَّر عن اللعب، ثم حث الناس بقوله وقد قال: ((مَن رَغِبَ عن سنَّتي فليس منِّي)) مع علمه بقول الصِّدِّيق - رضِي الله عنه - للجواري بحضرته - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَزمُور الشَّيْطان في بَيْتِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم)) (٢)، ولم يُنكِر عليه هذه التسمية، نعوذُ بالله عن اتِّباع الهوى.

(تَنْبِيه ثان) محلُّ ندبه على القول به السابق إذا ضَرب النساء والجواري، وخلا عن الصَّنْج ونحوه، وَعَن التأنُّق والتصنُّع فِي الضرب بأنْ يكون ضربًا بالكف كما يضرب الطبل ونحوه، ولما يأتي فِي أضداد هذه القيود.

(تَنْبِيه ثالث) قال الماوردي: اختلف أصحابُنا هل ضرْب الدُّفِّ على النكاح عام في جميع البلدان والأزمان؟ فقال بعضهم: نعم؛ لإطلاق الحديث،


(١) أخرجه البخاري (٥٠٦٣)، ومسلم (١٤٠١) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه.
(٢) أخرجه البخاري (٩٥٢)، ومسلم (٨٩٢) من حديث أم المؤمنين عائشة - رضِي الله عنهما.

<<  <   >  >>