للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخصَّه بعضهم ببعض البلدان [التي] (١) لا يتناكَرُه أهلها في المناكح؛ كالقرى والبوادي، فيكره في غيرها، وبغير زماننا، قال: فيكره فيه؛ لأنَّه عدل به إلى السخف والسفاهة، ا. هـ (٢).

وحَكاه فِي "البحر" عنه وأقرَّه، قال الأذرعي: وهو حسن غريب، وتأمَّل قولَه: وبغير زماننا ... إلخ تعلم به [ز١/ ١٩/ب] أنَّه إذا كان فِي ذلك الزمن الذي بيننا وبينه أكثر من خمسمائة سنة قد عدل به إلى السخف والسفاهة، فما بالك بزمننا الذي لم يبقَ فيه من معالم الخيرات إلا القليل، وتعارفت فيه المنكرات حتى صارت هي التي عليها التعويل، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون!

(تَنْبِيه رابع) قال الشيخان (٣): حيث أبَحنا الدُّفَّ فهو فيما إذا لم يكن فيه جلاجل، فإنْ كانت فيه فالأصحُّ حلُّه أيضًا وهو الجواب فِي "الوجيز"، و"الإحياء"، وتعقَّبه الأذرعي فقال: لم أرَ فِي كتب المذهب ذكر الجلاجل إلا فِي كلام الغزالي كإمامه، ومعهما أيضًا صاحب "الحاوي الصغير" وغيره، ولم يبيِّنوا ما هذه الجلاجل، فإنْ أرادوا بها ما يعتاده العرب وأهل القرى وبعض متفقِّهة الأمصار، ومتصوفتهم وهو الظاهر من وضع حلق من حديد داخل الطار شبه السلاسل فقريبٌ، وإنْ أُرِيدَ بها ما يصنَعُه أهل الفُسوق وأعوان شرَبَة الخمور من اتِّخاذ صنوج لطاف تُوضَع فِي خروق تفتح لها فِي جوانب الدُّفِّ فممنوع؛ لأنها أشد إطرابًا وتهييجًا من كثيرٍ من الملاهي المتَّفَق على تحريمها، والقول بتحريم الصفاقتين الأتي وإباحة هذه


(١) في (ز١): الذي.
(٢) الحاوي لأبي الحسن الماوردي (١٧/ ١٩٣) ط دار الفكر.
(٣) يعني: الرافعي والنووي.

<<  <   >  >>