للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العهديَّة، والمعهود هو طبْل المخنَّثين، وقد صرَّح به الماوردي من بعدُ؛ فلا مُخالَفةَ إذًا بين كلام الفريقين؛ أي: القائِلِين بتحريم الطبول كلها ما عدا الدُّف، والقائلين بحلِّها كلِّها ما عدا الكُوبَة، فمراد الأوَّلين طبول اللهو المنحصِرة فِي الكُوبَة بدليل اتِّفاقهم على حلِّ طبل الحرب، وجَرَى الزركشي على غير ذلك فقال ردًّا لما مرَّ عن الأسنوي: أكثر الأئمَّة قيَّد التحريم بطبل اللهو، ومَن أطلق التحريم أراد به اللهو؛ أي: فالمراد: إلاَّ الكُوبَة ونحوها.

(تَنْبِيه ثانٍ) قلت فِي كتابي "الزَّوَاجِرَ عَن اقْتِرَافِ الكَبَائِر" وقَع للإمام هنا مزلاَّت يتعيَّن التيقُّظ لها؛ فإنها مخالفةٌ للإجماع، وهي قولُه فِي الكُوبَة: لو ردَدْنا إلى مسلَك المعنى فهي في معنى الدف، ولستُ أرى فيها ما يقتضي تحريمها، إلا أنَّ المخنثين يولعون بها ويَعتادون ضربَها، وقوله: الذي يقتضيه الرأي أنَّ ما يصدر منه ألحانٌ مستلذَّة تهيج الإنسان وتستحثُّه على الطرب ومجالسة أحداثه فهو

[المحرم] (١) والمعازف والمزامير كذلك، وما ليس له صوتٌ مستلذٌّ، وإنما يفعل [لأنغام] (٢) قد تطرب وإن كانت لا تستلذُّ، فجميعها في معنى الدف.

والكوبة في هذا المسلك كالدف، فإنْ صحَّ فيها تحريمٌ حرَّمناها، وإلا توقَّفنا فيها، وقوله: ليس فيها من جهة المعنى ما يُميِّزها من سائر الطبول، إلا أنَّ المخنَّثين يعتادون ضربه ويتولَّعون بها فإنْ صحَّ حديثٌ قلنا به، اهـ. [ز١/ ٢١/ب]


(١) في (ز١): المحرف، والمثبت من (ز٢).
(٢) في (ز١): لإنغامات، والمثبت من (ز٢).

<<  <   >  >>