للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويردُّه ما يأتي أنَّ هذا بحثٌ منه مخالفٌ للإجماع فلا يُعوَّل عليه، وأنَّه حيث وُجِدَ في المسألة إجماعٌ فلا نظَر إلى صحَّة الحديث وضعْفه، وقد نقَل الإمام نفسه عن أبيه الشيخ أبي محمد الجويني ما يُوافِق الإجماع، فقال: كان شيخي يقطَع بتحريمها، ويقول: فيها أخبارٌ مغلَّظة على ضاربها والمستمِع إلى ضربها، وقد نصَّ الشافعيُّ على أنَّ الوصيَّة بطبل اللهو باطلة، ولا يعرف طبل لهو يلتَحِق بالمعازف حتى تبطل الوصيَّة به إلا الكوبة، وتَبِعَه في "البسيط" فقطع بتحريمها وأنَّه لا يحرم من الطُّبول إلا هي، لكن اعترض ذلك بقول "الكافي": الكوبة حرامٌ، وطبل اللهو في معناها؛ فدلَّ على أنَّه غيرها، وبأنَّ العراقيين حرَّموا الطبول كلَّها من غير تفصيلٍ.

ويجاب بأنَّ هذه طريقة ضعيفة، والأصح حِلُّ ما عدا الكوبة من الطُّبول، وقيل: أراد العراقيُّون طبول اللهو كما صرَّح به غيرُ واحد، وممَّن أطلقَ تحريم طبول اللهو العمرانيُّ والبغويُّ وصاحب "الانتصار"، وهو المحكِيُّ عن الشيخ أبي حامد، وقضيَّة ما في "الحاوي" و"المقنع" وغيرهما.

وعبارة القاضي: أمَّا ضرب الطبول فإنْ كان طبل لهوٍ فلا يجوزُ، واستَثنَى [الحليمي] من الطبول طبل الحرب والعيد، وأطلق تحريم سائر الطبول وخصَّ ما استَثْناه في العيد بالرجال خاصَّة، وهذه طريقةٌ ضعيفة أيضًا.

وعدَّ جمعٌ من العراقيين من المحرَّمات الأكبار، وأمَّا قول الأذرعي عَقِبَ كلام الإمام الثاني: إنَّه بحثٌ في غاية الحسن، فغير مقبولٍ منه؛ لِمُخالَفته لصريح كلامهم، وقد قال ابن الرفعة عقبه: وهذا يدلُّ على أنَّ الأخبار الواردة في الكوبة لم تصحَّ عنده، ا. هـ.

<<  <   >  >>