للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممَّا يردُّه أيضًا قولُ سليم في "تقريبه" بعد أنْ ذكَر تحريم الكوبة: وفي الحديث: ((إنَّ الله يَغفِر لكلِّ مذنبٍ إلا صاحب عَرطَبة أو كُوبة)) (١)، والأولى العود، ومع هذا فإنَّه إجماع، اهـ.

فتأمَّل نقلَه الإجماعَ على تحريم الكوبة، وهو من أكابر أصحابنا ومُتقدِّميهم، يتَّضِح لك أنَّ بحث الإمام الذي استَحسَنه الأذرعي مخالفٌ للإجماع، وحينئذٍ فلا فرقَ بين أنْ يصحَّ الحديث وأن لا، وهو ما قاله بعضهم - أعني: عدم صحَّته - لأنَّ الإجماع حجة وإنْ صح الحديث بخلافه؛ إذ لا يكون إلا عن دليلٍ سالم من الطَّعن [ز١/ ٢٢/أ] والمُعارِض، فكان أقوى، وقد نقل الإجماع أيضًا على تحريم الكوبة القرطبيُّ، وهو من أئمَّة النقل، فقال كما مرَّ عنه: لا يختلف في تحريم استِماعها، ولم أسمعْ عن أحدٍ ممَّن يُعتَبر قولُه من السلف وأئمَّة الخلف أنَّه يبيح ذلك، (٢) انتهى ما فِي الكتاب المذكور.

(تَنْبِيه ثالث) ما فسَّر به الشيخان وغيرهما الكُوبَة هو الصحيح، وعليه جرَيْت فِي "شرح الإرشاد" وعبارته: ولا يحرم من الطبول إلا الكُوبَة؛ لما فيها من التشبُّه بِمَن يَعتادُ ضربَها وهم المخنَّثون، وهي طبلٌ طويل ضيِّق الوسط متَّسع الطرفَيْن، وقضيَّة كلامهم أنَّه لا فرقَ بين أنْ يكون طرفاها مَسدُودين أو أحدهما، ولا بين أنْ يكون اتَّساعها على حدٍّ واحد أو يكون أحدُهما أوسع، انتهت.

ولا يُنافي تفسيرها بما ذكَرُوه تفسير الجوهري وآخَرين لها بأنَّها الطبل الصغير المخصَّر؛ لأنَّها كذلك، ويُوافِق ذلك تفسير أحدِ رُواة الحديث لها بالطبل


(١) لم أقفْ عليه.
(٢) "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (٢/ ٣٤٧) طبعة دار الفكر.

<<  <   >  >>