فهي تدور حول الإنسان مؤمنا أو كافرا أو منافقا، وهذا التصنيف للبشر هو الأمثل وفق منهج الله سبحانه وتعالى.
لذلك نلاحظ أن تصوير الأمثال يعبر عن هذه الفئات الثلاث، فئة مؤمنة ملتزمة بمنهج الله، وفئة كافرة ترفض منهج الله سبحانه، وفئة ثالثة منافقة، تظهر الإيمان وتبطن الكفر.
وقد عني تصوير الأمثال بهذه الفئات، فرسم لكل فئة ملامحها، وخصائصها، ووضع أمام عينيها ثوابها وعقابها والغرض من هذا التصوير هو الهداية والإصلاح، وتبشير المؤمنين، وتحذير الكافرين والمنافقين ويمتد التصوير الفني ويتواصل في السياق القرآني، ليرسم «النماذج» لهذه الفئات الثلاث. نموذج المؤمن بصفاته وأخلاقه وسلوكه، ونموذج الكافر بصفاته وملامحه وفساده وحيرته وعناده، ونموذج المنافق في تأرجحه أو تردّده حيث لا يثبت على مبدأ أو هدف.
ثم يتواصل تصوير الأمثال القرآنية في الأنساق التعبيرية المختلفة، للمقارنة بين أهل الإيمان وأهل الكفر، مستعيرا الفوارق بين النور والظلام، والحياة والموت، والكلمة الطيّبة والخبيثة، والبلد الطيّب، والأرض الميتة، وبذلك تتواصل الصور القرآنية ضمن العلاقات التصويرية والفكرية والتعبيرية، مع الصور القرآنية الواردة في التعبير عن المعاني الذهنية، كما تقدّم معنا ذلك في الفصل الأول «١٨».
والأمثال القرآنية المصوّرة موزّعة على مجموعات سياقية، متفاعلة، ومترابطة، ومتحدة، بحيث تتميّز كل مجموعة منها، باتجاهها، أو روابطها الفكرية والتصويرية والتعبيرية، هذه الروابط أو العلاقات، توحّد هذه المجموعة، وتربط بين أجزائها أو عناصرها، لتكوّن منها وحدة متفاعلة ومنسجمة، ضمن مجموعة الأمثال الكليّة. فكلّ مجموعة تتفاعل مع غيرها، وتسير في حركتها السياقية، مشدودة بالروابط الفكرية والتصويرية والتعبيرية العامة للصورة القرآنية، التي تسير أيضا في حركة سياقية متفاعلة في النص القرآني كلّه، لتكوّن في النهاية الرؤية الإسلامية المتكاملة للحياة والإنسان والكون.
ونبدأ بالمجموعة الأولى وهي تصوير الأمثال المرتبطة بالمؤمنين، يقول الله تعالى في
(١٨) راجع الفصل الأول من هذا الكتاب وما ورد فيه من صور النور والظلام، والحياة والموت، والطيب والخبيث، وما ترمز إليه هذه الصورة للمؤمن أو الكافر.