فالإيمان حياة، يحيي العقول والقلوب والأرواح، كالحياة في الأجساد، والكفر موت، يميت العقول والقلوب والأرواح، كالموت في الأجساد، والفوارق كبيرة بين الحياة والموت، وكذلك بين الإيمان والكفر ويتواصل التصوير في المثل القرآني المضروب، معتمدا على التقابل في إيضاح الفروق بين الإيمان والكفر، فيصوّر دين الله بالنور المضيء الذي ينير طريق المؤمنين به، فيسيرون في الحياة على وعي وبصيرة، أمّا الكفر فيصوّره بالظلمات التي يتخبط فيها الكافرون، ولا يخرجون منها.
فالإيمان حياة، ودين الله نور، واتباع هذا الدين، يعني السير في الحياة بين الناس بالنور المضيء والوعي السديد، وهناك أيضا صورة مقابلة للكفر، فهو موت، والسير في طريق الكفر، هو السير في الظلمات والتخبط فيها طوال الحياة، بحيرة وقلق.
ويعتمد تصوير المثل على إقامة التشابه بين الممثل به، والممثل له، حتى إنه ينزل الممثل به منزلة الممثل له، ويركّز عليه زيادة في توضيح طبيعة الممثل له، وزيادة في إبراز عناصر التصوير، وهي هنا النور والظلمات كما كانت هناك الحياة والموت، حتى يقيم التوازن في الأذهان بين النور والظلمات، وبين الحياة والموت فتتضح الفوارق البعيدة بين الإيمان والكفر من خلال هذه الموازنة بين العنصرين.
ويستخلص الحكم باستحالة المساواة بين المؤمن والكافر، كاستحالة المساواة بين النور والظلمات، وبين الحياة والموت.
ويكثر في القرآن الكريم تصوير الإيمان بالنور والحياة، وتصوير الكفر بالموت والظلمات، فهذه الصور تتواصل في النسق القرآني كلّه.
كما يكثر تصوير المؤمن بالبصير والسميع، والكافر بالأعمى والأصمّ، وقد ورد هذا التصوير للفريقين في المثل القرآني التالي مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا أَفَلا تَذَكَّرُونَ هود: ٢٤.
ويتميّز تصوير المثل بالدقّة وصدق المشابهة بين الممثل والممثل له، وحسن التنسيق، والتنظيم في التقابل بين الصورتين الأعمى/ البصير/ الأصم، والسميع. ومن خلال هذا