الإنسان إلا التسليم لله في موضوع الحياة، لأنه يصعب إدراك ماهيتّها أو سرّها، لأنها بيد الله الخالق المصوّر، بهذا المنطق البدهي تعرض الصورة في المثل للقضايا الشائكة في عقيدة النصارى لتردهم إلى التصور الصحيح، والدين القويم.
وقد استغلّ المشركون عقيدة النصارى الفاسدة في تأليه عيسى، لدعم عقيدة الشرك، فحين نزل قوله تعالى: إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ الأنبياء: ٩٨، قال بعضهم للرسول صلى الله عليه وسلم:«أليست النصارى يعبدون المسيح، واليهود يعبدون عزيرا، وبنو فلان يعبدون الملائكة، فإن كان هؤلاء في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم، فسكت الرسول صلى الله عليه وسلم، وضحك المشركون»«٢٦».
فالمشركون جادلوا بالباطل، لأنهم يعرفون أن «ما» في قوله تعالى وَما تَعْبُدُونَ تستعمل لغير العاقل في أصل لغة العرب، فلا يدخل في سياق الآية عيسى وعزير والملائكة، وهذا دليل لغوي ينقض افتراءاتهم بالإضافة إلى دليل آخر وهو تنزيه الأنبياء عن ذلك.
فعيسى عبد من عباد الله، أنعم الله عليه بالنبوة والرسالة، ومعجزة الولادة، ليكون دليلا على قدرة الله سبحانه، ومثلا واضحا على هذه القدرة الربانية على مدار الأزمان والأجيال.
وهناك مجموعة سادسة من الأمثال المصوّرة تدور حول الحياة الدنيا، وصور هذه الأمثال مستمدة من الزروع والثمار والأشجار والنبات، لأنها أشياء محسوسة مدركة، لها تأثيرها في الإنسان الذي يدرك هذه المشاهد الطبيعية، في سرعة نموها وازدهارها وإثمارها، ثم في سرعة تحوّلها إلى الاصفرار والذبول والزوال، وهذه مشاهد محسوسة مدركة من قبل الناس على اختلاف بيئاتهم، ومداركهم.