ويتضاعف ثمرها وإن لم يصبها الوابل، فيكفيها المطر القليل، وهو الطلّ لكي تنمو وتثمر، وتؤتي أكلها ضعفين، لطيب تربتها، وكرم مغرسها.
والتصوير بالوابل والطلّ، يوحي بالإنفاق الكثير والقليل، فالإنفاق الخالص لوجه الله وإن قلّ يتضاعف أجره، كما توحي الصورة بذلك.
ويرتبط هذا المثل قبله، ويتفاعل معه لإيضاح الفروق بين النموذجين، ويتمّ هذا التفاعل، عن طريق التماثل في عناصر التصوير، والتضاد في آثارها وإيحاءاتها. في الوقت نفسه.
فالوابل الهاطل من السماء مكوّن أساسي في الصورتين، ولكن أثره مختلف فيهما، فهو هنا عامل نماء وحياة، لقابلية الربوة للخير، واستعدادها له، وهي تمثّل قلب المؤمن العامر بالإيمان والمستعد لبذل الخير والعطاء باستمرار، أما الوابل على الصفوان، فقد كشف جوهره المجدب وعدم نفعه لاستقبال الخير، ولو ستره وراء طبقة ترابية رقيقة التي تمثل عمل الخير في الظاهر، فالفروق واضحة في المثلين، فهنا جنة بربوة وثمار وأرض طيبة، وتربية صالحة للنماء والحياة والسماء تجود عليها بغيثها الكثير أو القليل، وهي تستقبله، فتفيض عطاء ونماء، وهناك حجر صلد، وتراب خادع، وتربة فاسدة، وموت وضياع.
وتبرز الفوارق أيضا في ملامح النموذجين من خلال تصوير المثلين.
ويتواصل المثل الأخير مع المثل الثاني في هذه المجموعة مع بعض اللمسات النفسية المؤثرة.
فالصورة في هذا المثل، تبرز إبطال العمل، أيّا كان صاحبه، مرائيا أو منّانا أو غير ذلك.
وترسم الجنة بمشاهد تجذب الأنظار إليها في بداية المثل، ليزداد الألم والحسرة عليها في نهاية التصوير حيث نرى مشهد تدميرها بشكل مؤثر.
فهي جنة من نخيل وأعناب، فيها الأنهار الجارية، والثمار المتنوّعة الأخرى، ويترك للخيال أن يستحضر صور الثمار الأخرى غير الأعناب والنخيل، ثم هذه الجنة استمرت في