يستيقظ من غفلته ثم تابع ذلك بالتوجيه والنصح حين لم يلمس تجاوبا من صاحبه، ويحمل النصح طابع التوبيخ وهذا ما نلاحظه في قوله وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ... ولكنه حين يئس من صاحبه، دعا على جنته بالخراب، فاستجاب الله دعاءه:
ويختم المثل بمشهد الخراب والدمار، وهو يقابل مشهد الجنتين المثمرتين في أول المثل، ومشهد الألم والندم لصاحب الجنتين في نهاية المثل، يقابل صورته في المشهد الثاني حين كان مزهوا بها كافرا وجاحدا للنعمة.
وهكذا تتقابل المشاهد في المثل الواحد، لرسم لوحة فنية، تجمع صورا متناقضة، وحالات متباينة، لتحقيق الغرض الديني من تصوير المثل.
وهنالك مثل آخر مطوّل، يوضّح سلوك جماعة من البشر ضد دعوة الرسل يقول الله تعالى في مستهله: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ... يس: ١٣.
ويمكن تقسيم هذا المثل القصصي إلى ثلاثة مشاهد.
في المشهد الأول: تركيز على دعوة الرسل لأهل القرية، ورفض أهل القرية لهذه الدعوة.
فالمثل لا يذكر اسم القرية، ولا موقعها، وكذلك لم يذكر أسماء الرسل الذين أرسلوا إليها، على طريقة تصوير الأمثال في القرآن الكريم في التركيز على القضايا الفكرية والعقدية، لتحقيق الغرض الديني من المثل المصور. وذلك لإضفاء صفة الشمولية عليه، التي تنطبق على كل زمان ومكان، وكل جيل من الأجيال. والمثل يركّز على تعاقب
الرسل على أهل القرية، وأهل القرية مصرّون على العناد والتكذيب بل إنهم لجؤوا إلى تهديد الرسل