للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهم في سلوكهم المشين هذا يتبعون خطا الشيطان، يقول تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ النور: ٢١.

فالشيطان هو الذي يقودهم في هذا الحديث الآثم، وهم يترسمون خطاه فيه، وكان الأجدر بهم أن ينفروا من وساوس الشيطان، واتباع خطواته، وإيراد صورة الشيطان في تصوير الحدث، تنفّر المؤمن من الخوض في مثل هذا الحديث، وكلّ حديث آخر لا علم له به.

ثم يشتد التصوير المحذّر لأولئك الذين أثاروه يقول تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ النور: ٢٣ - ٢٤.

ونلاحظ هنا تجسيم الأقوال الآثمة في صورة مادية هي الرمي بالسهام يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ ... وصورة رمي السهام على المحصنات المؤمنات وهن غافلات عما يجري حولهن، توحي ببشاعة هؤلاء الرماة الجناة الذي يروّجون لهذا الحديث الآثم. ثم يأتي التحذير عن طريق التصوير يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ .... فهؤلاء لهم عذاب عظيم يوم القيامة، وتقوم جوارحهم بالشهادة عليهم بما ارتكبوه من إشاعة هذا الحديث الباطل، وحواسهم التي استخدموها في الترويج هي نفسها التي ستشهد عليهم.

وأحيانا يلجأ التصوير إلى بيان أثر الحدث في النفوس، ثم يعود متدرجا لتصوير بداياته، كما نرى في تصوير حادثة «تحويل القبلة» من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام.

يقول الله تعالى في ذلك: سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ البقرة: ١٤٢.

فالصورة تبدأ في نقل الحدث، من أثره في نفوس اليهود، ويوصفون بالسفهاء، لاحتجاجهم على ذلك، لأنهم كانوا يستغلون اتجاه المسلمين إلى الأقصى في دعم عقيدتهم المحرّفة، فحين تحوّل المسلمون إلى الكعبة، لم يبق بين أيديهم حجة، يرفعونها في وجه الإسلام لدعم ديانتهم.

وصورة امتلاك الله لكل الجهات المشرق والمغرب، صورة ضخمة موحية بهذه الملكية غير المحدودة والجهات كلها لله، والاعتراض في غير محله بعد ذلك.

ثم يتدرّج التصوير عائدا إلى بيان الحكمة الإلهية من وراء الاتجاه إلى الأقصى أولا

<<  <   >  >>