فهذا النموذج كثير التقلّب في مواقفه ومشاعره، فهو كثير الإلحاح في طلب الخير، وإن مسّه الشرّ، مجرد مسّ خفيف، ركبه الهمّ والقنوط، وفقد الأمل، فإن منّ الله عليه من
جديد، فأزال همّه، وأغرقه بنعمته، جحد نعمة ربه، ونسبها لنفسه، ثم تضخّم عنده الشعور بالذات، فأثّر في اعتقاده، فأنكر الآخرة، أو حسب نفسه بأنه سيكون محظوظا أيضا عند ربه.
وهكذا تحوّل هذا الإنسان الضعيف إلى إنسان بطر بالنعمة، فمدّع، فمنكر ليوم القيامة، وإن مسّه الشرّ من جديد، عاد إلى الدعاء والإلحاح في طلبه «فذو دعاء عريض». وهكذا حاله دائما في تقلباته، بين لجوء إلى ربه، وادّعاء وإنكار، وهذه صور مكرورة، نراها في كثير من الناس.