التكرار، فكلّ صورة لها إيحاؤها، ودلالتها في رسم المشهد الكوني، حتى تكتمل الرؤية الأخيرة في زوال المشاهد الكونية المألوفة.
وكذلك صورة السماء المنفرجة، مترابطة مع صورتها المتشققة، وصورتها المكشوطة، فالسماء المبنية بإحكام وليس فيها فروج أو انشقاق، كما ورد تصويرها في مشاهد الطبيعة فيما سبق، تبدأ في أحداث يوم القيامة بتفكك بنائها، وحدوث فروج فيها، ثم تبدو هذه الفرج في مشهد الانشقاق المتكامل، ثم تعقبها، صورة الكشط والإزالة التامة، فلا تبقى هناك سماء. فالصور مترابطة في رسم المشهد، وكلّ صورة ترسم مرحلة من مراحل تغيّر المشهد الكوني، وهذا يدلّ على دقّة التصوير والتعبير، في رسم المشاهد الكونية، في كلّ أحوالها، ومراحلها، لتكوين الرؤية النهائية لها.
وكذلك في صورة الجبال أيضا، كما وقفنا عندها في تصوير المعاني المجردة.
وهذا الترابط بين الصور، يؤكّد وحدة التصوير الفني في القرآن الكريم، كما يؤكّد وحدة الرؤية للحياة والكون والإنسان، ويثبت الإعجاز في القرآن الكريم، وهو ما نحاول إثباته في هذا الكتاب إن شاء الله.
ونلاحظ هنا في هذه المشاهد، إضافة جديدة، وهي صورة الرسل، الذين حدّد لهم يوم الفصل، لتقديم نتائج دعواتهم.
ويتعاون التعبير، مع التصوير أيضا في رسم الأهوال، ويتضح ذلك في الاستفهام المهول والمعظم لذلك اليوم لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ ثم جاء الجواب لِيَوْمِ الْفَصْلِ فهو يوم القضاء بين البشر، ثم يتكرر الاستفهام وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ المرسلات: ١٤ من أجل هذا الغرض في التهويل والتعظيم. ثم جاء التهديد للمكذبين عقب التهويل والتعظيم في سياق يقتضيه فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ.
وتتواصل صورة انشقاق السماء، في رسم لونها الأحمر السائل أيضا في ذلك اليوم المرهوب يقول تعالى: فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ الرحمن: ٣٧.
فهي مشقوقة كوردة حمراء سائلة، كدهن الزيت كما قال في موضع آخر:«كالمهل» وهو درديّ الزيت «٦».