فالتوافق في خلق الكون، على صور متناسقة، مع خلق الإنسان، وتناسق حركة الكون مع حركة الإنسان خير دليل على الخالق سبحانه.
وقد قسّم ابن رشد الاستدلال بالكون إلى نوعين: دليل العناية، ودليل الاختراع.
يقول:«ويتمثّل الأول في الاستدلال بهذا الكون وما فيه من عوالم من جهة خلقه بعد أن لم يكن، وإيجاده فإنه دليل على الخالق الحكيم، ويتمثل الثاني في الاستدلال بالتنظيم المحكم لهذا الكون واطراد نواميسه دون اختلال، وموافقة جميع الموجودات لوجود الإنسان على الفاعل الحكيم»«٤».
ونحن نجد في القرآن تركيزا علي الصور الكونية ومشاهد الطبيعة، لأنها تحمل الأدلة العقلية التي تثبت وجود الله، ومن ذلك قوله: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ الأعراف: ١٨٥.
فالصور الحسية هنا قريبة من الإدراك والفهم، فالأرض ممهّدة، والجبال راسية، والزوجية في الخلق، والنوم سبات، والليل ساتر، والنهار معاش، والسماوات طباق محكمة، والشمس ساطعة، والأمطار هاطلة من السماء، والنبات طالع من الأرض ... كلها صور مدركة مألوفة تحرّك العقل وتدفعه إلى التأمل فيما وراءها من حكمة إلهية، وعناية ربانية في خلقها.