فهذه الصور الكونية بدلالتي العناية والاختراع على تعبير ابن رشد، يدركها عامة الناس، ولكن إدراك العلماء لا يتوقّف عند هذا الإدراك والاستدلال البسيط على وجود الله، وإنما يتعمق العلماء في فهم الصور الكونية، لمعرفة حقائقها وقوانينها، فيقوى الاستدلال عندهم باكتشاف هذه القوانين الإلهية الخفية التي تسيّر هذا الكون بدقة وتناسق وإحكام.
وهناك الصور المستمدة من الطبيعة، وعالم الحيوان، تتضمن أدلة عقلية تثبت وجود الله، فالحيوانات متنوّعة، ومصدرها واحد، والتنوّع في خلقها وتكوينها وأجهزتها، ونظام تكاثرها، كما أنها تختلف في فوائدها وألوانها وحياتها وغير ذلك.
فهذا التنوّع أو التمايز في الحيوانات لم يكن مصادفة، وإنما هو دليل على الله. الخالق سبحانه، وقد قامت الصورة بلفت الأذهان إلى أنواع الحيوانات كدليل على الصانع المبدع وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ .. النور: ٤٥، ولفت الانتباه إلى عالم الحيوان المتنوّع والمختلف وَما مِنْ دَابَّةٍ