كذلك صورة الرياح بأنواعها الحارة والباردة، والبطيئة والشديدة، والعقيم والممطرة، والرياح اللواقح .. ودقة القوانين الإلهية التي تسيّرها، ومن ذلك قوله تعالى: وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ الحجر: ٢٢، وغير ذلك من الآيات.
كذلك صور السحاب والمطر والرعد والبرق، ودقة قوانين الله التي تحكمها، وتسيّرها.
قال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ، يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ النور: ٤٣ - ٤٤.
وصورة الأرض الممهدة، وما فيها من بحار وأنهار وجبال ووديان وصخور، يقول الله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ، وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ .. فاطر: ٢٧ - ٢٨.
أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ النمل: ٦١.
فهذه الصور الحسية- وغيرها- تحضّ الإنسان على إمعان التفكر فيها، لإدراك ما فيها من أسرار وقوانين لم توجد مصادفة، وإنما بتدبير الله ومشيئته.
وكأن هذه الصور تشير إلى مبدأ «العلّية»، الذي يقول بأنه لا يمكن أن يحدث شيء دون أن يكون هناك سبب أو علّة لحدوثه، تصلح أن تكون تفسيرا حقيقيا له «٥».
وهي تدعو إلى التعرف على الكون لفهم أسراره وقوانينه، للاستفادة منها في حياة الإنسان، فأحيانا علاقة الصور بعضها ببعض، وتجاورها في السياق- تكون معتمدة على قانون السببية، فصورة الأمطار الهاطلة، تتبعها مباشرة صورة النبات الطالع.
والإشارة إلى مسألة الكميات، والمقادير، والعدد، والوزن، والإحصاء. كقوله تعالى:
وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ المزمل: ٢٠، وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ الحجر: ١٩.
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ
(٥) مصادر المعرفة: ٣٢٥