فهذه الصور بأنواعها المتعددة تخاطب الحس والعقل، والفكر والوجدان، وتلمس النفس، لإقرار عقيدة التوحيد في النفوس.
وتعتمد الصورة في تحريك العقل وإيقاظه، وإقامة الحجة والبرهان على أسلوب الاستفهام المتكرر المثير للذهن، والدافع إلى الإقرار بهذه المقدمات البرهانية الواردة في الاستفهام، لأنها حقائق ثابتة، تصلح أن تكون مقدمات ليقر المخاطب بها، ويعترف بالله خالقا ورازقا ومدبرا، «وهذا النوع من أحسن جدل القرآن بالبرهان، فإن الجدل إنما يشترط فيه أن يسلم الخصم بالمقدمات، أو أن تكون البيّنة معروفة، فإذا كانت بيّنة معروفة كانت برهانية»«١٢».
فهذه الأسئلة المتكررة في الصور المعروضة بمنزلة مقدمات للوصول إلى عقيدة التوحيد، التي هي النتيجة لتلك المقدمات.
والقرآن الكريم يطرح الأسئلة، ولا يصرّح بالجواب، لأنه من البداهة بعد هذه الصور المتلاحقة بحيث لا يحتاج إلى تصريح، فهو مستقر في داخل العقول والنفوس.
وهذه هي طريقة القرآن في تصوير عقيدة التوحيد، يخاطب العقل والوجدان معا من خلال اعتماده على الصورة الفنية.
واعتماد الصورة على الاستفهام المثير للذهن، والمحرك للعقل كثير في القرآن الكريم،