للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالصور الفنية في القرآن تبرز أسماء الله وصفاته وأفعاله، وقدرته، وآثار ذلك في الكون والحياة والإنسان، وإمساكه بالسماوات والأرض ومن فيهن، وعلمه المحيط، وأرزاق البشر بيديه ومصائرهم إليه، وحسابهم عليه.

كل هذه الصور المرسومة في القرآن توجه القلب البشري نحو ربه، الذي خلقه، ودبّر أمره، وبيده حياته وموته. فالله هو الباقي، وما سواه إلى فناء.

وكل المخلوقات لا تملك أمرها، ولا التصرف بشئونها بمعزل عن خالقها سبحانه.

فالصور تهدف إلى توجيه الإنسان نحو ربه، ليؤمن به، ويطيعه، ويلتزم بدينه فكرا وشعورا وسلوكا.

وإحساس الإنسان بحضور الله معه، يزيده خشية وتقوى، وضبطا لسلوكه في الحياة.

وهذا الحضور الإلهي في النص القرآني واضح بيّن، لا يحتاج إلى تأكيد، لأنه منزل من عند الله فهو المتكلم فيه، يحدث الإنسان، ويخاطبه خطابا مباشرا، ونرى ذلك من أول القرآن إلى آخره، واضحا في نظم القرآن وتأليفه، وصوره، وفي تنويع الضمائر، والجمل والأساليب وفي الأمثال، والقصص، ومشاهد القيامة ... إلخ.

فهو كتاب منزل من عند الله، ليعرّف البشر، بنفسه، وخلقه، وقدرته، وصفاته، وأفعاله والحكمة من خلقهم، ويحذرهم من مخالفة أمره، لأنهم في النهاية راجعون إليه للحساب.

وعرض أسماء الله وصفاته وأفعاله لها دور كبير في تكوين الشخصية المسلمة، من نواحيها العقلية والعاطفية والسلوكية. يقول الدكتور نذير حمدان عن أهمية أسماء الله

وصفاته:

«وتبدو هذه الأهمية بالآثار الفكرية العقدية، وبالسلوك الإنساني المستقيم وأخيرا بالتصور الجمالي في تربية المسلم» «٢» وكما أدت الصورة وظيفتها الدينية بتقريب صورة الألوهية من الذهن، وبيان حقيقتها القائمة على التوحيد، والتجريد المطلق، والتنزيه الكامل، وبيان صفاتها، وأفعالها وآثار قدرتها في الكون والحياة والإنسان.

تقوم الصورة أيضا بتوضيح العبودية لله، وهي تشمل الكون والحياة والإنسان.

كما توضّح الصورة العلاقة القوية بين الألوهية والعبودية، فعند هاتين القضيتين تلتقي جميع الصور القرآنية في نسيج محكم، وتصميم بديع للتصوير الفني الهادف.


(٢) الظاهرة الجمالية: ص ٢٧٧.

<<  <   >  >>