والأفئدة، وصورة الذرء في الأرض، وانتشار البشر عليها، وصورة الحشر المقابلة لصورة الذرء والانتشار، وصورة التفرد بعلم الآخرة وموعدها، وصورة الكافرين يوم العذاب، ثم تختم الصور بصورة الماء الغائر في الأرض قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ، وبذلك يتلاحم المطلع مع ختام الصورة في الإيحاء بصورة الملك القدرة لله عز وجل.
فكل الصور الفرعية، وما تبعثه من إيحاء وظلال، وإثارة للخيال، ترجع إلى الصورة الكلية، فهي المحور الذي انطلقت منه، وتفرعت عنه، في حركة تشبه امتداد الأغصان في الشجرة الواحدة التي تتفرع من الجذع الواحد للشجرة. وهذه الحركة النامية للصور من أصل كلّي، وانتشارها على هذا النحو داخل سياق السورة الواحدة ضمن نظام العلاقات التعبيرية والتصويرية والفكرية، تظهر وحدة الصورة الفنية في القرآن، ووحدة النص القرآني، وتثبت أيضا إعجازه. لأن هذا القرآن الكريم لم ينزل جملة واحدة، وكذلك السورة لم ينزلها الوحي دفعة واحدة وإنما نزلت على فترات زمنية متباعدة ومع هذا التباعد الزمني في نزول السورة، ونزول القرآن، نلاحظ هذه الوحدة التصويرية المتناسقة وهذه الروابط والعلاقات بين الصور في داخل الأنساق. مما يعجز البشر عن مثله.
فكل الصور الفرعية في سورة الملك هذه، تسير في حركة متدفّقة، لتفسّر المطلع المجمل في السورة، فتوضحه، وتبرز سماته. ثم إنّ كل الأضواء المشعّة للصور الفرعية وما فيها من إيحاءات، تسلّط على الصورة الكلية، لتكشف حقيقتها، وآثارها في العالم المنظور، والعالم الآخر غير المنظور.
ثم إن هذه الصورة الكلية، مرتبطة بالصورة المركزية لتبرزها، وترسم ملامحها وسماتها، وعلى هذا النحو نفهم حركة الصورة الفنية في القرآن القائمة على نظام العلاقات السياقية.
تتحرك ضمن دوائر صغرى أولا، ثم دوائر كبرى، ثم دائرة واحدة تستقطب كل الصور الجزئية والكلية وتجذبها نحوها، إنها صورة المركز.
وفي سورة «الانشقاق» نلاحظ أن الصورة الكلية المرسومة فيها، هي الخضوع والاستسلام لأمر الله، وقد بدئت السورة بها، ويتمثل ذلك في صورة السماء والأرض وهما مستسلمتان لأمر الله بالانشقاق أو الامتداد، كذلك صورة الشفق، والليل، واتساق القمر، كلها صور تصبّ في الصورة الكلية الواردة في مطلع السورة ويقابل هذه الصور الكونية الخاضعة لله،