للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا النص يسجل اللحظة العظيمة التي ستشهد نزول الوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ففي صحيح البخاري عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت: .. جاءه الحق، وهو في غار حراء، فجاءه الملَك، فقال: اقرأ، فقال: ((ما أنا بقارئ، فأخذني، فغطني حتى بلغ مني الجَهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، قلت: ما أنا بقارئ.

فأخذني، فغطني الثانية حتى بلغ مني الجَهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ.

فأخذني، فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: {اقرأ باسم ربك الذي خلق - خلق الإنسان من علق - اقرأ وربك الأكرم})) (العلق:١ - ٣). (١)

فرسولنا - صلى الله عليه وسلم - هو النبي الأمي الذي لا يعرف القراءة، والذي دُفع إليه السفر المختوم، فقال: لا أعرف القراءة، فجعل الله سِفره وحياً ينطقه بشفتيه، ويتلوه من بعده المؤمنون إلى قيام الساعة.

ونزل النبي - صلى الله عليه وسلم - من على غار حراء خائفاً فزعاً، وذهب إلى ورقة بن نوفل - وكان من علماء أهل الكتاب - فقص عليه الخبر، فعرف ورقة نبوة النبي بما قرأ في سِفر النبي إشعيا، فقال: هذا الناموس الذي أنزل على موسى، ليتني فيها جذعاً، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك .. لم يأت رجل بما جئت به إلا أوذي، وإنْ يُدركني يومُك حياً أنصرك نصراً مؤزراً. (٢)

وأما معرفته بإخراج قريش للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومعاداته، فقد عرفه ورقة من سفر إشعيا أيضاً حيث جاءتْ فيه البشارة بالنبي الذي يبعث في بلاد وعرة من أرض العرب، يقول السفر التوراتي في الإصحاح الحادي والعشرين: "وحي من جهة بلاد العرب، في الوعر في بلاد العرب تبيتين، يا قوافل الددانيين هاتوا ماء لملاقاة العطشان، يا سكان أرض تيماء وافوا الهارب بخبزه، فإنهم من السيوف قد هربوا " (إشعيا ٢١/ ١٣ - ١٤)، فالنص التوراتي يتحدث إلى قبائل الددانيين في أرض تيماء، لينجدوا النبي الذي خرج مع أصحابه هرباً


(١) رواه البخاري ح (٤).
(٢) رواه البخاري ح (٤).

<<  <   >  >>