للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[إخباره - صلى الله عليه وسلم - بفتوح أمته للبلدان]

ومن الغيوب الدالة بتحققها على نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ما أخبر عنه - صلى الله عليه وسلم - مراراًً من انتشار الإسلام وظهور أمره على الأديان، وبلوغه إلى الآفاق، وهو أمر غيب لا مدخل فيه للتخمين ورجم الظنون، فإما أنه كاذب صادر من دعي، أو هو خبر صادق أوحاه الله الذي يعلم ما يُستقبَل من الأحداث والأخبار.

وشواهد ذلك كثيرة في القرآن والسنة، منها قوله تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} (التوبة: ٣٣)، وقد صدقه الله فقد ظهر أمره، وتم نوره، وعظُم دينه.

وقد قال - صلى الله عليه وسلم - منبئاً عن ملك أمته وسلطانها: ((إن الله زوى لي الأرض، فرأيتُ مشارقَها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكُها ما زوي لي منها، وأعطيتُ الكنزيْن الأحمرَ والأبيض)). (١)

قال النووي: "وهذا الحديث فيه معجزاتٌ ظاهرة, وقد وقعت كلُّها بحمد الله كما أخبر به - صلى الله عليه وسلم - ... المراد بالكنزين الذّهب والفضّة, والمراد كنزَيْ كسرى وقيصر، ملِكي العراق والشّام، وفيه إشارة إلى أنّ مُلكَ هذه الأمّة يكون معظم امتدادِه في جهتي المشرق والمغرب, وهكذا وقع، وأمّا في جهتي الجَنوب والشَّمال فقليل بالنّسبة إلى المشرق والمغرب". (٢) فقد أعلمه الله بانتشار دينه، وبسؤدد أتباعه وأمته من بعدِه على فارس والروم وغيرها من البلاد.

ومثل هذه النبوءة العظيمة بل أعظم منها؛ تنبؤه - صلى الله عليه وسلم - عن بلوغ دينه إلى أقاصي الأرض، في قوله: ((ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليلُ والنهار، ولا يترك الله بيت مَدَرٍ ولا وبرٍ، إلا أدخله اللهُ هذا الدين، بعز عزيز، أو بذلِّ ذليل، عزاً يُعز الله به الإسلام، وذُلاً يذل الله به الكفر)).


(١) رواه مسلم ح (٢٨٨٩).
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم (١٨/ ١٣).

<<  <   >  >>