للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه من تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد:

فإن قاعدة الإسلام وأصلَه الشهادتان، شهادةُ أن لا إله إلا الله، والشهادة بأن محمداً رسول الله، وهما مفتاح الجنة، وباب كل خير، وهما أجلُّ ما يدين المسلم به لربه، وأشرف ما يحمله إلى العالمين.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى اللهَ بهما عبدٌ غيرَ شاكٍ فيهما إلا دخل الجنة)) (١)، فالذي يؤمن بهاتين الشهادتين من غير شك ولا مرية يدخل الجنة.

ويخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن موعود آخر لهؤلاء المؤمنين، ألا وهو الأمن من النار: ((ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبدُه ورسوله، إلا حرمَه الله على النار)). (٢)

ولذلك فإن المسلم حين يُعنى بالحديث عن نبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - ودلائلِها؛ فإنما يتناول باباً عظيماً من أبواب الإسلام، إنه الشق الثاني من الركن الأول للإسلام.

إن المسلم حين يؤمن بنبوة النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما يؤمن بعقيدة راسخة رسوخَ الجبال الرواسي، ورسوها مصدره أنها عقيدة قامت على العلم والدليل والبرهان، إن حاله ليس كحال أولئك الذين قالوا: {إنا وجدنا آباءنا على أمةٍ وإنا على آثارهم مقتدون} (الزخرف: ٢٣)، فهؤلاء وأضرابهم حجبوا عقولهم عن النظر في الحق ودلائل صدقه، وصمّوا آذانهم عن سماعه، واكتَفوا بالقعود حيث تاهت عقول آبائهم الأولين، فأنكر القرآن عليهم هذا الجمود، وقبّحه، ودعاهم لإعمال عقولهم والإفادة منها، فقال: {قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمراً من قبله أفلا تعقلون} (يونس: ١٦).


(١) رواه مسلم ح (٢٧).
(٢) رواه مسلم ح (٣٢).

<<  <   >  >>