للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان تميم الداري - رضي الله عنه - يؤكد تحقق هذه النبوءة فيقول: قد عرفتُ ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من أسلمَ منهم الخيرُ والشرفُ والعزُ، ولقد أصاب من كان منهم كافراً الذلُ والصَغارُ والجزيةُ. (١)

ولسوف نعرض لذكر بعض الفتوحات التي بشر بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتحققت حال حياته أو بعد وفاته، فكانت دليلاً على نبوته ورسالته.

منها، تنبؤه - صلى الله عليه وسلم - بنصر بدر العظيم، وذلك في وقت كان المسلمون يعانون في مكة صنوف الاضطهاد ويُسامون سوء النكال؛ وفي وسط هذا البلاء نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله تعالى: {أكفاركم خيرٌ من أولئكم أم لكم براءةٌ في الزبر - أم يقولون نحن جميعٌ منتصرٌ - سيهزم الجمع ويولون الدبر - بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمرّ} (القمر: ٤٣ - ٤٦).

فقال عمر بن الخطاب [أي في نفسه]: أي جمع يهزم؟ أي جمع يُغلَب؟ فلما كان يوم بدر رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يثِب في الدرع، وهو يقول: {سيهزم الجمع ويولون الدبر} فعرفتُ تأويلها يومئذ. (٢)

فهذه الآية نزلت قبل الهجرة بسنوات؛ تتحدث عن غزوة بدر واندحار المشركين فيها، وتتنبأ بهزيمتهم وفلول جمعهم.

وقبيل معركة بدر أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - اقتراب تحقق الوعد القديم الذي وعده الله، فقام إلى العريش يدعو ربه ويناجيه: ((اللهم إني أنشِدُك عهدَك ووعدَك، اللهم إن شئت لم تُعبَد بعدَ اليوم)).

ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عريشه، وهو يقول: {سيهزم الجمع ويولون الدبر - بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر}. (٣)

وهكذا كان، فقد هزمت جموعهم، وولوا على أدبارهم، وصدق الله نبيَه الوعدَ، وعدَ الله لا يخلف الله الميعاد.


(١) رواه أحمد ح (١٦٥٠٩).
(٢) جامع البيان (٢٢/ ٦٠٢).
(٣) رواه البخاري ح (٢٩١٥).

<<  <   >  >>