للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تحوَّل)) فتحولتُ، فجلستُ بين يديه، فقصصتُ عليه حديثي .. فأعجبَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وأحبَّ أن يسمع ذلك أصحابُه. (١)

ومن دلائل نبوته - صلى الله عليه وسلم - بشارة النبيين موسى وحبقوق بنبي قدوس طاهر يخرج من بلاد فاران، وهو اسم للحجاز كما سيتبين لنا.

وقد جاء في سفر التثنية المنسوب إلى موسى عليه السلام أنه قال لبني إسرائيل قبيل وفاته: "جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من سعير، وتلألأ من جبل فاران" (التثنية ٣٣/ ٢)، فقد أخبرهم عليه السلام بأنه كما جاءت رسالة الله إليه على جبل الطور في سيناء، فإن النبوة ستشرق من جبل ساعير في وسط فلسطين، وذلك بنبوة عيسى عليه السلام، ثم ستتلألأ النبوة من فوق جبل فاران بنبي عظيم يخرج فيها.

وأكد سفر النبي حبقوق البشارةَ بالنبي المبعوث في فاران، فقال: "والقدوس من جبل فاران، جلاله غطى السماوات، والأرض امتلأت من تسبيحه" (حبقوق ٣/ ٣)، فمن هو هذا العبد الطاهر ذو الهيبة الذي يخرج من فاران، وتمتلئ الأرض من تسبيحه وتسبيح أتباعه؟

لن نستطيع القول بأنه محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا إذا عرفنا المقصود من كلمة (فاران).

فاسم فاران تستخدمه التوراة في حديثها عن مكة المكرمة، فقد جاء في سفر التكوين أن إسماعيل عليه السلام نشأ وتربى في برية فاران، يقول السِّفر عن إسماعيل: " كان الله مع الغلام فكبر .. وسكن في برية فاران " (التكوين ٢١/ ٢١).

وهكذا استبانت النبوءة في أبهى صورها، فكما عاش إسماعيل في برية فاران التي هي الحجاز، فإن النبوة ستتلألأ من على جبل فاران، فمن هو النبي المبعوث في فاران؟ إنه محمد - صلى الله عليه وسلم -.

إن أمثال هذه النبوءة الباهرة والشهادة الواضحة دفعت المنصفين من أهل الكتاب إلى الإيمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم - والاعتراف بأنه الرسول الخاتم المبشر به في كتب السابقين.


(١) ذكره ابن إسحاق في سيرته (١/ ٦٥ - ٦٦).

<<  <   >  >>