للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتصف عائشة رضي الله عنها صفة صلاته - صلى الله عليه وسلم -، فتقول: (كان يصلي إحدى عشرة ركعة، كانت تلك صلاته، يسجد السجدة من ذلك قدرَ ما يقرأ أحدُكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المنادي للصلاة). (١)

ويصف عليٌّ - رضي الله عنه - حاله - صلى الله عليه وسلم - في يوم بدر حين تعب الصحابة وأسلموا أعينهم للنوم، فيقول: (ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم، إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح). (٢)

وتكرر بكاؤه - صلى الله عليه وسلم - وهو يتضرع بين يدي ربه ومولاه عارفاً قدرَه وراجياً فضله، يقول عبد الله بن الشِّخِّير - رضي الله عنه - قال: (أتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي، ولجوفه أزيز كأزيز المِرْجَل [أي القِدر] من البكاء). (٣)

لقد كان - صلى الله عليه وسلم - كما وصفه ربه {إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه} (المزمل:٢٠)، فهل سمعت الدنيا عن مدع للنبوة يقوم نصف ليله يتضرع لربه ويبكي بين يديه.

وأما صومه - صلى الله عليه وسلم -، فكان يداوم على صيام يومي الإثنين والخميس تقرباً إلى ربه وابتغاء رضاه، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((تُعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس، فأحِبُّ أن يعرض عملي وأنا صائم)). (٤)

ولم يكن صيامه هذا فحسب، بل كان - صلى الله عليه وسلم - يصوم الأيام المتتابعة، يقول أنس - رضي الله عنه -: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه شيئاً، ويصوم حتى نظن


(١) رواه البخاري ح (١١٢٣)، ومسلم ح (٧٢٤)،
(٢) رواه أحمد ح (١٠٦٢).
(٣) رواه النسائي ح (١١٩٩)، وأبو داود ح (٧٦٩)، وأحمد ح (١٥٧٢٢)، واللفظ له، وصححه الألباني في مشكاة المصابيح ح (١٠٠٠).
(٤) رواه الترمذي ح (٦٧٨)، وابن ماجه ح (١٧٣٠)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ح (١٠٤١).

<<  <   >  >>