للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتحقق ذلك زمنَ خلفائه الراشدين، فكان أبو ذر - رضي الله عنه - ممن فتح مصر وسكنها، يقول - رضي الله عنه -: فرأيت عبدَ الرحمنِ بنَ شرحبيلَ بنِ حسنة وأخاه ربيعة يختصمان في موضع لَبِنة، فخرجت منها. (١)

قال النووي: "وفيه معجزة ظاهرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، منها إخباره بأن الأمةَ تكون لهم قوة وشوكة بعده، بحيث يقهرون العجم والجبابرة، ومنها أنهم يفتحون مِصر، ومنها تنازع الرجلين في موضع اللَبِنة، ووقع كلُ ذلك ولله الحمد". (٢)

وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الفتوح التي تقع على أيدي أصحابه ومن بعدهم، تستمر إلى ثلاثة أجيال بعده - صلى الله عليه وسلم - قبل أن تتوقف، ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يأتي على الناس زمانٌ يغزو فِئام من الناس، فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم.

ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم: فيكم من رأى من صحب رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم.

ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقولون: نعم. فيفتح لهم)). (٣)

قال النووي: "وفي هذا الحديث معجزاتٌ لرسول - صلى الله عليه وسلم -، وفضلُ الصحابة والتابعين وتابعيهم". (٤)

ولا تتوقف نبوءات النبي - صلى الله عليه وسلم - عند فتوح العراق والشام ومصر زمن أصحابه، بل يمتد إخبارُه ليحدث عن فتح بلاد بعيدة المنال، عصية القلاع، القسطنطينية عاصمة دولة الروم، يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((لتُفتحن القسطنطينية فلنِعمَ الأميرُ أميرُها، ولنعم الجيشُ ذلك


(١) رواه مسلم ح (٢٥٤٣)، ورواية ابن حبان رواها في صحيحه، الموارد ح (٢٣١٥).
(٢) شرح صحيح مسلم (١٦/ ٩٧).
(٣) رواه البخاري ح (٣٦٤٩)، ومسلم ح (٢٥٣٢) واللفظ له.
(٤) شرح صحيح مسلم (١٦/ ٨٣).

<<  <   >  >>