للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأَرُدُّ عُهْدَتَها إلى نُقَّالِهَا ... وأَصُونُها عَنْ كُلِّ مَا يُتَخَيَّلُ

الشرح

وقد اتفق المؤولة والمفوِّضة على صرف نصوص الصفات عن ظاهرها المتبادر المعتبر، ونفوا الصفات المأخوذة منها، ولكن المؤوِّلة أولوها بمعانٍ أخرى بعقولهم، بينما فوَّض المفوِّضة معانيها، ولم يفسروها.

وهناك فرق بين أهل السُّنة والمفوضة: يتبيَّن بالمثال التالي: وهو أنَّ من أسماء الله تعالى (الرحمن) فأهل السُّنة يثبتون هذا الاسم، ويأخذون منه صفة الرحمة، أما المفوضة فهم يثبتون الأسماء ولكن يفوضون معانيها إلى الله، وهم بذلك يثبتون أن القرآن ليس له معانٍ مفهومة.

ولهذا قال أهل السُّنة: المفوضة شر الطوائف؛ لأن ظاهرها التورع والاحتياط، وباطنها تكذيب القرآن، وأنه لا معنى ولا حقيقة له.

قوله: (وأَرُدُّ عُهْدَتَها إلى نُقَّالِهَا) المراد بالذي تُرَدُّ العهدة فيه إلى النُقَّال هو باب الصفات فلا يُتَكَلَّم في شيء من هذا الباب إلا بوحي، والمراد بالنُقَّال هم أهل العلم الذين نَقَلُوا هذه الأحاديث من لدن الصحابة - رضي الله عنهم - ثم التابعين ومن جاء بعدهم.

قوله: (وأَصُونُها عَنْ كُلِّ مَا يُتَخَيَّلُ) أي: يصون ما جاء في هذا الباب عن التأويل والتحريف والتعطيل والتكييف، ويصون الصفات أيضًا عن التخيل فإن الله أجل وأعظم من أن تتخيل صفاته. وأما الخواطر التي تَرِدُ على النفس، فلا يسلم منها أحد، بل لم يسلم منها الصحابة - رضي الله عنهم - حتى قالوا:

<<  <   >  >>