إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
وبعد:
فإن العالم البشري كله يشهد في هذا العصر من الاضطراب والضياع والفوضى، وسواد المستقبل، وتجهم المصير ما يرعب القلوب، ويزلزل الأفكار، فهو أشبه ما يكون بسفينة مهترئة تتقاذفها أمواجٌ متلاطمةٌ في غمرات بحر لُجِّيٍّ لا تجد مِن اجتيازها مناصًا، ولا من سطوته خلاصًا.
وقد أمسك بزمامها أمم كافرة عملاقة (تستعمل قوة العفاريت بعقول الأطفال) - كما قال (جود) -، ويحفزها التنافس الضاري إلى مزيد من الصراع والتهور والاندفاع، وتأتي أمم الكفر الأقل شأنًا، فتحاول أن تثِبَ وَثَبَاتٍ كبرى؛ لتصل إلى مستوى الصراع مع العمالقة المسيطرين، وتبحث لنفسها عن موضع قدم في هذه السفينة الهائجة، وأصبح التفكير في هذا الواقع الأسوَد والمصير الكالح هو الشغل الشاغل للمفكرين والمتعقِّلين في الغرب وغيره، بل أصبح بفعل التدفق الإعلامي الهائل من الهموم اليومية لرجل الشارع - كما يسمونه -، إذ ما?