من نشرة أخبار يسمعها، أو صحيفة يطالعها، إلا ويجد فيها النذر الصارخة بهذا المصير، فأخبار الحروب والفتن، والانفجارات والانهيارات، والزلازل والانقلابات، والجفاف والفيضانات، والكوارث والانتحارات ... إلخ، أصبحت من كثرة ما ترددت في ذهنه مثل أخبار الرياضة وأحوال الطقس!.
ومع سباق التسلح الرهيب، والتنافس في نشر أسلحة الفتك المبيد، أحس الناس حقيقةً بالهلع الذي يقضّ المضاجع، وهرع الفلاسفة والمفكرون إلى التنقيب عن حلٍّ للمعضلة الإنسانية الكبرى، وتلمسوا أي مخرج للانعتاق من الظلمة الكثيفة التي غطت وجه الأرض وردمت الإنسان في المفاوز المهلكة، والأحراج الشائكة.
ووصل الأمر بكثيرٍ منهم إلى الاقتناع المطلق بأن خلاص هذا العالم - إن قدر له الخلاص - لن يكون من داخله، وأن السفينة الهاوية إلى أعماق المحيط لن ينتشلها من هو قابعٌ في داخلها.
ومع هذا لم يظهر - مع الأسف الشديد - ما يدل على أوبةٍ صادقةٍ إلى الله، واستجابةٍ لدينه الحق الوحيد الذي مازال غضًّا طريًّا في مسمع الدنيا ومرآها.
بل دفعت عوامل أخرى - ولا مجال هنا لتفصيلها، ولبيان ذنبنا نحن المسلمين فيها - إلى أن قامت كل أمة من الأمم تشحذ همتها، وتقدح زناد فكرها، وتستلهم من عتيق حضارتها وماضي أسلافها، فمع إفلاس المذاهب الوضعية الحديثة ارتد الناس قرونًا إلى الوراء، وبدأوا يستعرضون الذاكرة البشرية على ما فيها من قَتَمٍ وغبشٍ وإسفاف، لعل?