الأول: أن أخبار الآحاد مظنونة، فلم يجز التمسك بها في معرفة الله تعالى وصفاته.
وإنما قلنا: إنها مظنونة، وذلك لأنا أجمعنا على أن الرواة ليسوا معصومين.
وكيف والروافض لما اتفقوا على عصمة علي رضي الله عنه وحده، فهؤلاء المحدّثون كفَّروهم (؟!)، فإذا كان القول بعصمة علي - كرم الله وجهه - يوجب تكفير القائلين بعصمة علي، فكيف يمكنهم عصمة هؤلاء الرواة؟.
وإذا لم يكونوا معصومين كان الخطأ عليهم جائزًا، فحينئذ لا يكون صدقهم معلومًا، بل مظنونًا، فثبت أن خبر الواحد مظنون، فوجب أن لا يجوز التمسك به؛ لقوله تعالى:{إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: (٣٦)]. ولقوله تعالى في صفة الكفار:{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ}[الأنعام: ١١٦]. ولقوله:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: (٣٦)]. ولقوله:{وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[البقرة: ١٦٩]. فترك العمل بهذه العمومات في فروع الشريعة؛ لأن المطلوب فيها الظن، فوجب أن يبقى في مسائل الأصول على هذا الأصل.
والعجب من الحشوية أنهم يقولون: الاشتغال بتأويل الآيات المتشابهة غير جائز؛ لأن تعيين ذلك التأويل مظنونٌ، والقول بالظن في القرآن لا يجوز، ثم إنهم يتكلمون في ذات الله تعالى وصفاته بأخبار الآحاد، مع أنها في غاية البعد من القطع واليقين، وإذا لم يجوّزوا تفسير