للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الخلاف أعظم، فيلزمهم الكفر لكونهم منكرين لذات المعبود الحق ولوجوده، والمعتزلة في صفته لا في ذاته (١).

والقول الثاني: أنا لا نكفّرهم؛ لأن معرفة التنزيه لو كانت شرطًا لصحة الإيمان لوجب على الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا يحكم بإيمان أحد إلا بعد أن يتفحص أن ذلك الإنسان هل عرف الله بصفة التنزيه أو لا، وحيث حكم بإيمان الخلق من غير هذا التفحص (٢)، علمنا أن ذلك ليس شرطًا للإيمان» (٣).

وقال شارح (الجوهرة): «واعلم أن معتقد الجهة لا يكفر، كما قاله العز بن عبد السلام، وقيده النووي بكونه من العامة، وابن أبي جمرة بعسر فهم نفيها، وفصَّل بعضهم فقال: إن اعتقد جهة العلو لم يكفر؛ لأن جهة العلو فيها شرفٌ ورفعةٌ في الجملة (٤)،

وإن اعتقد جهة السفل كفر» (٥).


(١) مع ما في هذا الكلام من مغالطة وجرأة على التكفير، انظر إلى تفضيله مذهب المعتزلة على مذهب السلف الذين يسميهم (المجسمة)، وتصريحه بأن الخلاف بين مذهبه هو وأصحابه الأشاعرة وبين مذهب السلف أعظم مما بينهم وبين المعتزلة.
(٢) بل قد تفحص النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن على عكس ما قرر الرازي، فقد فحص الجارية قايلًا: أين الله؟ فقالت: في السماء. فحكم بأنها مؤمنة؛ لإثباتها العلو، فلو أنكرته كالرازي وأصحابه لتغير الحكم.
(٣) أساس التقديس (ص١٩٦ - ١٩٧).
(٤) انظر إلى المكابرة، فهم يعترفون أن إنكار العلو عسير الفهم؛ لمصادمته للفطرة والعقل، ويعترفون أن إثبات العلو شرف ورفعة، ولا يؤمنون بذلك مع تواتر النصوص به.

ثم أيها أعسر فهمًا، وأبعد عن الشرف، بل عن مجرد التصور: إثبات علو الله تعالى، أم القول بأنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا عن يمينه ولا شماله، ولا فوقه ولا تحته، ولا وراءه ولا أمامه؟!!.
(٥) شرح الباجوري على الجوهرة (ص٨٦ - ٨٧).

<<  <   >  >>