وإن مما يدمي القلب أن كثيرًا من شباب الصحوة خدعته هذه الدعاوى الزائفة، وعصبت عينيه عن رؤية الحق الصراح، فتطوعوا بخدمة قطاع الطريق الماكرين، حتى أن بعض المراكز الإسلامية في الغرب وغيره أصبحت أوكارًا للرافضة وغيرها، وانتعشت البدع والشركيات حتى صرح بعض سدنة الأضرحة أن إقبال الشباب عليهم في زيادة مستمرة، وأن المريدين أخذت أعدادهم في السنوات الأخيرة تتضاعف، وكلما سمعت أو رأيت شيئًا من هذه الظواهر المرعبة أسأل نفسي بحق: هذه الصحوة الإسلامية التي نبتهج ببشائرها، ونتطلع إلى بواكيرها، أهي صحوة فعلًا، أم هي - عياذًا بالله - انتكاسة جديدة إلى موروثات الوثنية الإغريقية، والصوفية الهندية؟.
أم أن الخمرة المسكرة الوحيدة في نظر بعضنا، هي خمرة الافتتان بالغرب وأفكاره ونظمه، ومن صحا منها فلا عليه أن يسكر بخمرة الوجد والفناء، أو نبيذ البدع والأهواء، فلا يصحو إلى يوم يُبعَثون؟!.
وأسأل نفسي أيضًا: لماذا يرفض شباب الإسلام الفكرة الواحدة نفسها إن كان سندها - مثلًا -: (ماركس) عن (هيجل) عن (أرسطو)، ويعدها كفرًا وإلحادًا، ويقبلها ويتعصب لها - بذاتها - إذا كان سندها: الرازي عن ابن سينا عن أرسطو؟!.
أم أن عداوتنا أصبحت كعداوة الثور للون الأحمر فقط، فنعادي الباطل؛ لأنه منقولٌ عن الغرب وأذنابه، لا لأنه باطل يجب معاداته أينما وجد في واقع أنفسنا، أو في صفحات تاريخنا، أو موروثات مجتمعاتنا ومذاهبنا.