للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سعيد الفارسي (١)!!.

وأكثر الناس حبًّا للصوفية، ودفاعًا عنهم من القدامى والمعاصرين إنما يعتذر لهم عن هذا المسلك الوثني الشائن بأنهم سئموا تعقيدات علم الكلام وجفافه، فهربوا منه إلى نداوة الوجد والذوق والإلهام، فأما جفاف علم الكلام وتعقيده فلا نشك فيه، ولكن ما الذي ألجأهم للاصطلاء بناره أوَّلًا، ونور النبوة بأيديهم غضٌّ طريٌّ، ثم إذْ ذاقوا حرَّها لِمَ فروا إلى أشد منها، ولم يرجعوا إلى الوحي؟!.

فليس لهم عذر، لا أوَّلًا ولا آخرًا.

حقًّا: لقد نقد المتصوفة علماء الكلام، ولكن لماذا وبماذا؟.

استمع إلى قول عبد الرحمن الجامي من صوفية وأشعرية القرن التاسع (٢): «القول في وحدته: لما كان الواجب تعالى عند جمهور المتكلمين حقيقةً واحدةً موجودةً بوجودٍ خاص، وعند شيخهم [يعني: الأشعري] والحكماء [يعني الفلاسفة كما تكرر] وجودًا خاصًّا، احتاجوا في إثبات وحدانيته ونفي الشريك عنه إلى حجج وبراهين، كما أوردوها في كتبهم.

وأما الصوفية القائلون بوحدة الوجود، فلما ظهر عندهم أن حقيقة الواجب تعالى هو الوجود المطلق (؟!) لم يحتاجوا إلى إقامة الدليل على توحيده، ونفي الشريك عنه، فإنه لا يمكن أن يتوهم فيه إثنينية


(١) انظر: أسرار التوحيد، ترجمة إسعاد قنديل (ص٥٢).
(٢) انظر ترجمته في الأعلام للزركلي (٣/ ٢٩٦).

<<  <   >  >>