فقال رحمه الله - بعد أن ذكر المعاني الثلاثة، وبين نقصها عن حقيقة التوحيد -: «إن الرجل لو أقر بما يستحقه الرب تعالى من الصفات، ونزهه عن كل ما ينزه عنه، وأقر بأنه وحده خالق كل شيء، لم يكن موحدًا، بل ولا مؤمنًا حتى يشهد ألا إله إلا الله، فيقرَّ بأن الله وحده هو الإله المستحق للعبادة، ويلتزم بعبادة الله وحده لا شريك له.
والإله بمعنى المألوه المعبود الذي يستحق العبادة، ليس هو الإله بمعنى القادر على الخلق، فإذا فسر المفسر الإله بمعنى القادر على الاختراع، واعتقد أن هذا أخص وصف الإله، وجعل إثبات هذا التوحيد هو الغاية في التوحيد، كما يفعل ذلك من يفعله من متكلمة الصفاتية، وهو الذي ينقلونه عن أبي الحسن الأشعري، وأتباعه ممن لم يعرفوا حقيقة التوحيد الذي بعث الله به رسوله، فإن مشركي العرب كانوا مقرِّين بأن الله وحده خالق كل شيء، وكانوا مع هذا مشركين. قال تعالى:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}[يوسف: ١٠٦].
ثم ذكر الآيات في ذلك ... وقال: فليس كل من أقرَّ أن الله ربّ كل شيء وخالقه، يكون عابدًا له دون ما سواه، داعيًا له دون سواه، راجيًا له، خائفًا منه دون سواه، يوالي فيه، ويعادي فيه، ويطيع رسله، ويأمر بما أمر به، وينهى عما نهى عنه، وقد قال تعالى:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ}[البقرة: ١٩٣] ....
وذكر آيات في شرك المشركين ثم قال: ولهذا كان من أتباع هؤلاء