والمسلمين، وما هي قيمتهم المعنوية - لا سيما في الماضي - عند أمم الكفر فضلًا عن خير أمة أخرجت للناس!!.
وليس بعجيب حين نعلم أن شهوة التعصب والانتصار للرأي مع شهوة الابتداع الذي أشربته قلوب المبتدعة كثيرًا ما حفزت على ركوب المخاطر والاستنصار على المخالف القريب بالعدو اللدود! على أن أصل المسألة أعمق من هذا.
إنه ببساطة: اتفاق المنهج في مصدر التلقي.
فعندما يتفق المنتسب لليهودية مع المنتسب للإسلام في أصل التلقي من مشركي اليونان، والتدين بالدين الوثني العالمي دين الفلسفة اليونانية، فإنه لا غرابة في وقوفهما - ومن شاركهما في هذا الدين من أي نحلة وجنس - صفًّا واحدًا ضد جبهة الإيمان والتوحيد!.
وإلا فكيف يعيش الرازي، وموسى بن ميمون في عصر واحد (١)، والأول بأقصى المشرق، والآخر بأقصى المغرب، فيؤلف الأول (أساس - أو تأسيس - التقديس)، ويؤلف الآخر (دلالة الحائرين)، وتقرأ هذين الكتابين فتجدهما يخرجان من مشكاة واحدة - بل من بؤرة واحدة - لا أثر فيها لإسلام هذا، ولا يهودية ذاك من حيث المنهج والاستمداد.
فالإسلام - الذي تنتسب إليه الرازي - أجلى من الشمس في رابعة النهار بلا غيم ولا قتر فيما يتعلق بإثبات الصفات.
(١) توفي الرازي (٦٠٦هـ)، وابن ميمون (٦٠٥هـ)، وكان الأول في سمرقند، والآخر في الأندلس!!