للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول باستحالة الكذب في حق الله تعالى مما لا يستند إلى سمع (١)، ولا إلى التحسين والتقبيح، وأن حَصْر مدرك ذلك في هذين باطل.

بل المدرك في ذلك يقال: قد ثبت كون الباري تعالى عالمًا متكلمًا، وأن كلامه في نفسه واحد، وذلك لا يقبل الصدق والكذب، وإنما يقبل ذلك من جهة كونه خبرًا، والخبرية له من جهة متعلقه لا غير» (٢). أي ليست له لذاته.

وذكر كلامًا فلسفيًّا مملولًا، مؤداه امتناع قيام الخبر الكاذب بنفس الباري ...

وهكذا فر الآمدي من الالتزام بفساد أصلٍ ليقع في الالتزام بأصلٍ آخر أكثر فسادًا، وهو أن الكلام هو المعنى القائم بالنفس، وهذا لا يوصف بالصدق والكذب لذاته، بل بمتعلقاته .. إلى آخر ما وصفه هو بأنه عويص، والواقع أنه تمحل ساقط القيمة.

على أن بعض الأشاعرة قد استرسلوا مع المنكرين في سلسلة من التنازلات فقالوا: إن الكذب ممتنعٌ على الله؛ لأن الله غنيٌّ عنه، فإن قيل فما دليل غناه؟ قالوا: إن الافتقار من خصائص الأجسام. قالوا: فما الدليل على أنه ليس بجسم؟ قالوا: إنه ليس بمتحيز، وليس في جهة، ولا تقوم به الحوادث. قالوا: فما الدليل على عدم قيام الحوادث به؟


(١) أي: أن الكتاب والسنة عنده لا يستدل بها على انتفاء الكذب على الله، وإلا لزمه الدور.
(٢) المصدر السابق (٣٣٠ - ٣٣١).

<<  <   >  >>