للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باطل، والمنهج باطل كذلك، وإلا لو استبعدوا هذا المنهج، واستمدوا من المصدر المعصوم (الوحي)، لوجدوا أنفسهم على نور من الله وبرهان، واستعلوا على كل خصم ومُناظر وجاحد.

أما موضوع العصمة فهو أهون شأنًا مما سبق، لكن دلالته على فساد المنهج لا تقل عن ذاك (١).

يقول الجويني: «تجب عصمتهم عما يناقض مدلول المعجزة، وهذا مما نعلمه عقلًا. . أما الفواحش المؤذنة بالسقوط وقلة الديانة، فتجب عصمة الأنبياء عنها إجماعًا، ولا يشهد لذلك العقل، وإنما يشهد العقل لوجوب العصمة عما يناقض مدلول المعجزة» (٢).

فمع ربطه بموضوع المعجزة - وقد سبق فساد كلامهم فيها - لست أدري أي عقل هذا الذي لا يشهد للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم بالعصمة من الفواحش؟ ومن أين جاءكم البلاء إلا من تعظيم العقل وتحكيمه مرة، وطرده ورفضه مرة أخرى.

فالجويني يثبت بهذا أن المسألة سمعية خاصة لا شأن للعقل - على مفهومهم له - بها، وبحسب أن هذا يقيه شر الطعون والانتقادات، وهو منازع في الدعوى ودليلها.

أما صاحب (الواقف) فهو ينقل أن رأي الجمهور هو عصمتهم


(١) لمعرفة أن مذهب الأشاعرة في العصمة هو مذهب المعتزلة في الأصل. انظر مقالات الإسلاميين للأشعري (١/ ٢٩٦ - ٢٩٧).
(٢) الإرشاد (ص٣٥٦).

<<  <   >  >>