للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(أي نصوص الوحي) تتوقف على أمورٍ ظنيةٍ، فتكون ظنيةً؛ لأن الفرع لا يزيد على الأصل في القوة».

وعلى هذا الحكم إذن هو (السجن إلى أجل غير مسمى، إن لم نقل السجن المؤبد) أي إيقاف العمل بالنصوص في العقيدة إلى أجل غير مسمى، بل إلى الأبد؛ لأن العقيدة مبناها على اليقين والقطع، ودلالة النصوص ستبقى ظنيةً إلى الأبد؛ لأنه علق الأمر على العلم بعدم الوجود، لا على عدم الوجدان، والعلم بعدم الوجود مستحيلٌ، والتعليق على المستحيل إبطالٌ للقضية من أصلها.

ولكن الرجل لم يستقر على هذا بل قال: «والحق أنها قد تفيد اليقين بقرائن مشاهدة أو متواترة تدل على انتفاء الاحتمالات، فإنا نعلم استعمال لفظ الأرض والسماء ونحوهما في زمن الرسول في معانيها التي تراد منها الآن، والتشكيك فيه سفسطة».

فالحمد لله على أن القوم لا يزال لديهم خير، وأنهم إذا وجدوا في كلام الله ورسوله كلمة أرض أو سماء عرفوا أنها هي هذه الأرض والسماء!!.

على أنه لم يدع فرحتنا بهذا تتم، بل استدرك قائلًا: «نعم في إفادتها اليقين في العقليات نظرٌ؛ لأنه مبنيٌّ على أنه هل يحصل بمجردها الجزم بعدم العارض العقلي؟ وهل للقرينة مدخل في ذلك؟ وهما مما لا يمكن الجزم بأحد طرفيه» (١).


(١) المواقف (ص٣٩ - ٤٠). وقد ناقشه الشيخ المعلمي في التنكيل (٢/ ٣٢٩ - ٣٣٣)، وللعلم فإن مؤلفه عضد الدين الإيجي (٦٨٠ - ٧٥٦هـ) كان معاصرًا لشيخ الإسلام وابن القيم، وكتابه هذا هو المقرر في كلية أصول الدين بالأزهر وغيرها.

<<  <   >  >>